.................................................................................................
______________________________________________________
هذه الجملة بأنّ الآية إنّما تفيد كون المناط في القبول هو التبيّن الصادق مع الظنّ بصدق الراوي ، فلا بدّ أن يكون كلّ تبيّن كذلك حجّة ، فيلزم منه كون مثل الشهرة بل مطلق الظنّ حجّة.
ويرد عليه أوّلا : منع كون التبيّن أعمّ من العلمي والظنّي ، إذ التبيّن هو طلب البيان والظهور ، وهو لا يصدق إلّا مع العلم ، بل ربّما يدّعى عدم صدقه إلّا بالعلم الضروري لا مطلق العلم. وأمّا إطلاقهم كون الخاصّ الظنّي بيانا للعامّ في مباحث العامّ والخاصّ فإنّما هو بعد الفراغ عن اعتبار الخاصّ شرعا ، وصيرورته دليلا شرعيّا ، والمقصود في المقام إثبات اعتبار الظنّ الخبري أو مطلق الظنّ بعموم التبيّن له ولغيره.
وثانيا : أنّه لا يخلو : إمّا أن يريد كون التبيّن حقيقة في التبيّن الظنّي ومجازا في العلمي ، أو مشتركا بينهما لفظا أو معنى ، أو حقيقة في العلمي ومجازا في الظنّي على عكس الأوّل. ولا سبيل إلى الأوّل يقينا. والثاني خلاف الأصل. والثالث وإن كان مقدّما على الأخير عند الدوران والشكّ ، إلّا أنّه فرع ثبوت استعمال اللفظ المشكوك في معناه في القدر المشترك على وجه يعتدّ به ، وهو منتف في المقام ، لعدم ثبوت استعمال التبيّن في المعنى الأعمّ في الشرعيّات ولا العرفيّات أصلا فضلا عن موارد يعتدّ بها ، فتعيّن الرابع ، فيقدّم احتمال الحقيقة والمجاز حينئذ للغلبة.
وثالثا : أنّه مع تسليم كونه أعمّ من العلمي والظنّي لا يناسب التعليل بمخافة الإصابة وبالجهالة المستعقبة للندامة إذ الظاهر من الجهالة مقابل العلم ، فتعمّ العلّة صورة الظنّ أيضا ، لاحتمال الوقوع في الندم فيها أيضا لا محالة ، فلا بدّ حينئذ من تخصيص التبيّن بالعلمي إن سلّمنا شموله لغة للظنّي أيضا.
ورابعا : أنّ المراد بالتبيّن لو كان هو المعنى الأعمّ وبالجهالة هو الشكّ فهو لا يناسب مورد نزول الآية ، لأنّ العاملين بخبر الوليد الذين نزلت فيهم الآية لم يكن عملهم به مع الشكّ في صدقه وكذبه ، لعدم إقدام عاقل على العمل بالخبر المشكوك