كفاية الظنّ المستفاد من أخبار الآحاد ، وهو الظاهر ممّا حكاه العلّامة قدسسره في النهاية عن الأخباريّين من أنّهم لم يعوّلوا في اصول الدين وفروعه إلّا على أخبار الآحاد ، وحكاه الشيخ في عدّته في مسألة حجّية أخبار الآحاد عن بعض غفلة أصحاب الحديث. والظاهر أنّ مراده حملة الأحاديث الجامدون على ظواهرها ، المعرضون عمّا عداها من البراهين العقليّة المعارضة لتلك الظواهر. السادس : كفاية الجزم بل الظنّ من التقليد مع كون النظر واجبا مستقلا لكنّه معفوّ عنه ، كما يظهر من عدّة الشيخ قدسسره في مسألة حجّية أخبار الآحاد وفي أواخر العدّة (٣).
ثمّ إنّ محلّ الكلام في كلمات هؤلاء الأعلام غير منقّح ، فالأولى ذكر الجهات التي يمكن أن يتكلّم فيها وتعقيب كلّ واحدة منها بما يقتضيه النظر من حكمها ، فنقول مستعينا بالله : إنّ مسائل اصول الدين وهي التي لا يطلب فيها أوّلا وبالذات (٩٩٨) إلّا الاعتقاد باطنا والتديّن ظاهرا وإن ترتّب على وجوب ذلك بعض الآثار العمليّة ، على قسمين (٩٩٩) : أحدهما : ما يجب على المكلّف الاعتقاد والتديّن به غير مشروط بحصول العلم كالمعارف ، فيكون تحصيل العلم من مقدّمات الواجب المطلق ، فيجب. الثاني : ما يجب الاعتقاد (١٠٠٠) والتديّن به إذا اتّفق حصول العلم به ، كبعض تفاصيل المعارف.
______________________________________________________
٩٩٨. توضيحه : أنّ موضوع الأحكام الشرعيّة إن كان هو الاعتقاد فهي الاصول الاعتقاديّة ، وإن كان هو عمل المكلّف ، فإن اختصّ الخطاب بها بالمجتهدين فهي اصول الفقه وإن كان الخطاب عامّا لهم وللمقلّدين فهي علم الفقه. وتحقيق الكلام في ذلك مقرّر في تعريف الفقه.
٩٩٩. ولعلّ محلّ الكلام ومطارح أنظار العلماء في المقام هو القسم الأوّل ، لانطباق الأدلّة والأقوال عليه كما لا يخفى.
١٠٠٠. يعني : ما يجب الالتزام على طبق الاعتقاد به ، بأن كان عطف التديّن عليه تفسيريّا ، وإلّا فلا معنى لإيجاب الاعتقاد على تقدير حصول العلم ، إذ الاعتقاد إمّا هو التصديق القلبي الجزمي أو أعمّ منه ومن الظنّي.