سواء تعلّق الظنّ أوّلا بالمطالب العلميّة (٩٨٣) أو غيرها (٩٨٤) أو بالامور الخارجيّة (٩٨٥) من غير استثناء في سبب هذا الظنّ. ووجهه واضح ؛ فإنّ مقتضى النتيجة هو لزوم الامتثال الظنّي وترجيح الراجح على المرجوح في العمل ، حتّى أنّه لو قلنا بخصوصيّة في بعض الأمارات ـ بناء على عدم التعميم في نتيجة دليل الانسداد ـ لم يكن فرق بين ما تعلّق تلك الأمارة بنفس الحكم أو بما يتولّد منه الظنّ بالحكم ، ولا إشكال في ذلك أصلا إلّا أن يغفل غافل عن مقتضى دليل الانسداد فيدّعي الاختصاص بالبعض دون البعض من حيث لا يشعر.
وربّما تخيّل بعض (١٢) أنّ العمل بالظنون المطلقة في الرجال غير مختصّ بمن يعمل بمطلق الظنّ في الأحكام ، بل المقتصر على الظنون الخاصّة في الأحكام أيضا عامل بالظنّ المطلق في الرجال. وفيه نظر يظهر للمتتبّع (٩٨٦) لعمل العلماء في الرجال ؛ فإنّه يحصل القطع بعدم بنائهم فيها على العمل بكلّ أمارة. نعم ، لو كان الخبر المظنون الصدور ـ مطلقا أو بالظنّ الاطمئناني ـ من الظنون الخاصّة لقيام الأخبار أو الإجماع عليه ، لزم القائل به العمل بمطلق الظنّ أو الاطمئناني منه في الرجال ، كالعامل (*) بالظنّ المطلق في الأحكام.
ثمّ إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا : أنّ الظنّ في المسائل الاصوليّة العمليّة حجّة بالنسبة إلى ما يتولّد منه من الظنّ بالحكم الفرعي الواقعي أو الظاهري. وربّما منع منه غير واحد من مشايخنا رضوان الله عليهم ، وما استند إليه أو يصحّ الاستناد إليه للمنع أمران : أحدهما : أصالة الحرمة وعدم شمول دليل الانسداد ؛ لأنّ دليل الانسداد إمّا أن يجري في خصوص المسائل الاصوليّة كما يجري في خصوص الفروع ، وإمّا أن
______________________________________________________
٩٨٣. كالظنّ بالفروع ابتداء.
٩٨٤. كما في الموضوعات المستنبطة.
٩٨٥. كما في علم الرجال.
٩٨٦. كما يشهد به اختلافهم في اعتبار التعدّد في المزكّى وعدمه.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «كالعامل» ، كالقائل.