نعم ، يجب التشرّع (٩٢١) والتديّن بعدم الوجوب سواء فعله أو تركه من باب وجوب التديّن بجميع ما علم من الشرع. وحينئذ : فإذا تردّد الظنّ الواجب العمل المذكور بين ظنون تعلّقت بعدم وجوب امور ، فمعنى وجوب ملاحظة ذلك الظنّ المجمل المعلوم إجمالا وجوب أن لا يكون فعله لهذه الامور على وجه الوجوب ، كما لو لم يكن هذه الظنون وكانت هذه الامور مباحة بحكم الأصل ؛ ولذا يستحبّ الاحتياط وإتيان الفعل لاحتمال أنّه واجب.
ثمّ إذا فرض العلم الإجمالي من الخارج بوجوب أحد هذه الأشياء على وجه يجب الاحتياط والجمع بين تلك الامور ، فيجب على المكلّف الالتزام بفعل كلّ واحد منها لاحتمال أن يكون هو الواجب. وما اقتضاه الظنّ القائم على عدم وجوبه ـ من وجوب أن يكون فعله لا على وجه الوجوب ـ باق بحاله ؛ لأنّ الاحتياط في الجميع لا يقتضي إتيان كلّ منها بعنوان الوجوب الواقعي ، بل بعنوان أنّه محتمل الوجوب ،
______________________________________________________
الأمر بين القصر والإتمام في بعض الموارد ، وقامت أمارة ظنّية على وجوب القصر مثلا ، فهي لا تنافي وجوب الإتمام أيضا من باب الاحتياط.
قلت : سيجيء في المسألة الشبهة المحصورة تحقيق عدم وجوب الاحتياط بتحصيل الموافقة القطعيّة عند قيام الأمارة المعتبرة على بعض أطراف العلم الإجمالي.
وأشار إليه المصنّف رحمهالله أيضا في مسألة البراءة عند الجواب عن الدليل العقلي للأخباريّين على وجوب الاحتياط في الشبهة التحريميّة.
ثم إنّ المصنّف رحمهالله وإن لم يتعرّض للجواب الخامس وما أجاب به عنه المعمّم ، إلّا أنّ فيما أجاب به عن استدلال المعمّم لإثبات التعميم إشارة إلى تزييفهما ، كما هو واضح للمتأمّل.
ثم إنّه ممّا قدّمناه يظهر أنّ قول المصنّف رحمهالله : «ولكن فيه أنّ قاعدة الاشتغال في المسألة العمل بالظنّ معارضة في بعض الموارد ...» ، لا يخلو من مسامحة.
٩٢١. قد أسلف المصنّف رحمهالله في فروع العلم الإجمالي منع وجوب الالتزام بما علم من الشرع ، فراجع.