.................................................................................................
______________________________________________________
ورابعها : أنّ العمل بالظنون من باب الاحتياط إنّما يتمّ فيما كان الظنّ مثبتا للتكليف من الوجوب أو التحريم ، بخلاف ما لو كان مثبتا لأحد الأحكام الثلاثة الباقية ، لعدم تماميّة وجوب العمل بالظنّ مع كون مؤدّاه الإباحة أو الاستحباب أو الكراهة.
وفيه : أنّ معنى وجوب العمل بالظنّ هو الالتزام بمؤدّاه على الوجه الذي أفادته الأمارة ، فإن كان مؤدّاه وجوب الفعل يجب الالتزام بوجوبه ، وإن كان مؤدّاه إباحته يجب الالتزام بإباحته ، وهكذا.
وخامسها : أنّ الاحتياط في المسألة الاصوليّة بالعمل بالظنون قد يعارضه وجوب الاحتياط في المسألة الفرعيّة في بعض الموارد ، كما إذا قامت أمارة ظنّية على عدم وجوب السورة ، وقلنا بوجوب الاحتياط عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، لأنّ مقتضى وجوب الاحتياط في المسألة الاصوليّة هو الالتزام بعدم وجوب السورة ، ومقتضى الاحتياط في المسألة الفرعيّة هو الالتزام بوجوبها.
وأجاب عنه المعمّم المذكور بأنّ الأصل الجاري في المسألة الاصوليّة كالدليل بالنسبة إلى الأصل الجاري في المسألة الفرعيّة ، لحكومته عليه ، وكون معارضتهما من قبيل معارضة المزيل والمزال ، لكون الشكّ في وجوب السورة مسبّبا عن الشكّ في وجوب العمل بالظنّ ، فإذا ثبت وجوب العمل به بقاعدة الاحتياط يزول الشكّ عن وجوب السورة ، لثبوت عدم وجوبها حينئذ.
أقول : في كلّ من التمسّك بقاعدة الاشتغال لإثبات التعميم والجواب المذكور نظر ، أمّا الأوّل فإنّ ظاهر القائلين بوجوب العمل بالظنّ المطلق هو جعله حجّة شرعيّة ، بحيث يصلح لتقييد المطلقات وتخصيص العمومات الثابت اعتبارها بالظنّ الخاص ، ولا ريب أنّ قاعدة الاحتياط لا تفيد هذا المدّعى ، إذ غايتها إثبات كون الظنّ من الأدلّة الفقاهتيّة دون الاجتهاديّة.
وأمّا الثاني فإنّه يرد عليه أوّلا : أنّ العمل بالاحتياط في المسألة الاصوليّة إنّما هو من جهة كشف مقدّمات دليل الانسداد ـ التي منها بقاء التكليف بامتثال الأحكام