.................................................................................................
______________________________________________________
الفحص عن الباقي من أطراف العلم الإجمالي في العمل بأصالة البراءة.
ويمكن أن يكون إشارة إلى عدم وجود متيقّن إضافي على وجه واف مع إضافته إلى المتيقّن الحقيقي بالفقه. وهذا يظهر بالتأمّل في الأدلّة.
ويمكن أن يكون إشارة إلى منع عدم كفاية المتيقّن الحقيقي في الفقه ، لأنّ في كفايته تقريرا آخر ، بأن يقال : إنّه إذا وجد من الأخبار المتيقّن الاعتبار حقيقة ما يدلّ على حجّية قسم آخر دونه في الاعتبار ، وإن لم يكن هو متيقّنا بين الباقي ، يتعدّى إليه حينئذ ، لكونه في حكم المتيقّن الحقيقي ، فإن وفى هذا بالفقه ، وإلّا فإن وجد في هذا القسم أيضا ما يدلّ على اعتبار قسم ثالث دونه يتعدّى إليه أيضا ، وهكذا.
فنقول : إنّ أخبارا كثيرة قد دلّت على اعتبار خبر الثقة وخبر الصادق ، فإن وجد فيها متيقّن حقيقي يتعدّى منه إلى خبر الثقة والصادق وإن لم يفد الوثوق فعلا. فإن وفى بالفقه ، وإلّا فإن وجد في أخبار الثقة ما يدلّ على اعتبار ما دونها كالشهرة والأولويّة ونحوهما ، يتعدّى إليه ، بل إلى ما فوقه بالأولويّة القطعيّة ، وهكذا. وإن لم يوجد المتيقّن الحقيقي بين تلك الأخبار ، ولكن وجد فيها ما ثبت اعتباره بالدليل القطعي ، بأن كان من الظنون الخاصّة كالخبر الصحيح المقبول المفيد للوثوق ، إذ لا تبعد دعوى القطع باعتباره وإن لم يكن وافيا بالفقه ، وحينئذ يعمل فيه ما عرفت. وإن لم يوجد ذلك أيضا ، فإن وجد ما هو متيقّن الدخول تحت نتيجة دليل الانسداد ، وإن لم يكن متيقّنا في نفسه ولم يثبت اعتباره من باب الظنّ الخاصّ ، كالخبر الصحيح المشهوري المفيد للوثوق فعلا ، إذ لا تبعد دعوى القطع بدخوله تحتها ، يعمل فيه أيضا ما عرفت.
ولكن هذا إنّما يتمّ إن قلنا بأنّ حكم العقل بالأخذ بالمتيقّن من مقتضى دليل الانسداد من باب الحكومة لا من باب الكشف ، وإلّا يشكل التعدّي إلى ما أثبته المتيقّن المذكور ، إذ المتيقّن من اعتباره حينئذ هو اعتباره في إثبات المسألة الفرعيّة دون الاصوليّة ، لذهاب المشهور ـ كما قيل ـ إلى عدم الاعتداد بالظنّ في الاصول ، فلا يصلح تيقّن الدخول في النتيجة لإثبات اعتبار ما دونه.