بتحصيل العلم به
(٨٣٣) وبين امتثال مؤدّى الطريق المجعول الذي علم جعله بمنزلة الواقع ، فكلّ من
الواقع ومؤدّى الطريق مبرئ مع العلم به ، فإذا انسدّ باب العلم التفصيلي بأحدهما
تعيّن الآخر ، وإذا انسدّ باب العلم التفصيلي بهما تعيّن العمل فيهما بالظنّ ، فلا
فرق بين الظنّ بالواقع والظنّ بمؤدّى الطريق في كون كلّ واحد امتثالا ظنّيا.
وإن كان ذلك الطريق منصوبا عند انسداد
باب العلم بالواقع ، فنقول : إنّ تقديمه حينئذ على العمل بالظنّ إنّما هو مع العلم
به وتميّزه عن غيره ؛ إذ حينئذ يحكم العقل بعدم جواز العمل بمطلق الظنّ مع وجود
هذا الطريق المعلوم ؛ إذ فيه عدول عن
______________________________________________________
فاسد ، لأنّ
مقتضاه عدم تنجّز التكليف بالواقع مع العلم به أيضا ، وهو مع فساده في نفسه لا
يقول به المستدلّ.
فإن قلت : إنّ
الطريق المجعول وإن لم يكن مقيّدا للواقع ، إلّا أنّه مع انسداد باب العلم بالواقع
والطريق إذا حصل الظنّ بالطريق حصل الظنّ بالبراءة عن التكليف المتوجّه إليه ،
لأنّ المفروض أنّ مؤدّاه إمّا عين الواقع أو بدله ، بخلاف الظنّ بالواقع ، إذ لا
ملازمة بينه وبين الظنّ بفراغ الذمّة ، لأنّه ربّما يحصل الظنّ بالواقع ولا يحصل
معه الظنّ بالبراءة ، بل ربّما يقطع بعدمها ، كما إذا حصل الظنّ بالواقع من القياس
ونحوه ، ولا ريب أنّ العقل إنّما يستقلّ بوجوب الأخذ بما يحصل معه الظنّ بالبراءة.
قلت : نعم ، لكن
لو بني على هذا لم يحتج في إثبات تعيّن الأخذ بالظنّ بالطرق إلى تمهيد مقدّمات
دليل الانسداد ، إذ اللازم حينئذ أن يقال : إنّه مع العلم ببقاء التكليف وعدم كون
المكلّفين مهملين كالبهائم يجب بحكم العقل تحصيل اليقين بالبراءة مع انفتاح باب
العلم ، وبالظنّ بها مع انسداده ، وإذا فرض حصول الظنّ بها مع العمل بالأمارات
المظنونة الاعتبار يتعيّن العمل بها دون غيرها. وهذا هو الوجه الثاني الآتي الذي
نقله المصنّف رحمهالله عن بعض المحقّقين ، وهو لا يتوقّف على تمهيد مقدّمات دليل
الانسداد ، مع وضوح فساده كما ستعرفه.
٨٣٣. الأولى ترك هذه العبارة ، لكونها مستدركة.