وينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : أنّك قد عرفت أنّ قضيّة المقدّمات المذكورة وجوب الامتثال الظنّي للأحكام المجهولة ، فاعلم : أنّه لا فرق (٨٠٢) في الامتثال الظنّي بين تحصيل الظنّ بالحكم الفرعي الواقعي ـ كأن يحصل من شهرة القدماء الظنّ بنجاسة العصير العنبي ـ وبين تحصيل الظنّ بالحكم الفرعي الظاهري ، كأن يحصل من أمارة الظنّ بحجّية أمر لا يفيد الظنّ كالقرعة مثلا ، فإذا ظنّ حجّية القرعة حصل الامتثال الظنّي في مورد القرعة وإن لم يحصل ظنّ بالحكم الواقعي إلّا أنّه حصل ظنّ ببراءة ذمّة المكلّف في الواقعة الخاصّة ، وليس الواقع بما هو واقع مقصودا للمكلّف إلّا من حيث كون تحقّقه مبرءا للذمّة. فكما أنّه لا فرق في مقام التمكّن من العلم بين تحصيل العلم بنفس الواقع وبين تحصيل العلم بموافقة طريق علم كون سلوكه مبرءا للذمّة في نظر الشارع ، فكذا لا فرق عند تعذّر العلم بين الظنّ بتحقّق الواقع وبين الظنّ ببراءة الذمّة في نظر الشارع.
وقد خالف في هذا التعميم فريقان : أحدهما من يرى أنّ مقدّمات دليل الانسداد
______________________________________________________
٨٠٢. هذا إشارة إلى أنّ دليل الانسداد بعد تشييد مقدّماته هل يفيد حجّية الظنّ مطلقا ، سواء تعلّق بتعيين الطريق ـ أعني : تعيين المسائل الاصوليّة ـ أم بالحكم الواقعي ، أو يختصّ بالأوّل أو الثاني؟ وقد اختار الأوّل أوّلا ، كما هو الأقوى على ما ستعرفه ، ثمّ نقل الخلاف في الأخيرين.