بالطريق فيها إنّما هي من المشكوكات ؛ إذ لو كان نفس المورد مظنونا مع ظنّ الطريق القائم عليه لم يحتج إلى إعمال الظنّ بالطريق ولو كان مظنونا ، بخلاف الطريق التعبّدي المظنون كونه طريقا ، لتعارض الظنّ الحاصل من الطريق والظنّ الحاصل في المورد على خلاف الطريق ، وسيجيء الكلام في حكمه على تقدير اعتبار الظنّ بالطريق.
والحاصل : أنّ اعتبار الظنّ بالطريق وكونه كالظنّ بالواقع مبنيّ على القطع ببطلان الاحتياط رأسا ، بمعنى أنّ الشارع لم يرد منّا في مقام امتثال الأحكام المشتبهة الامتثال العلمي الإجمالي حتّى يستنتج من ذلك حكم العقل بكفاية الامتثال الظنّي ؛ لأنّه المتعيّن بعد الامتثال العلمي بقسميه من التفصيلي والإجمالي ، فيلزم من ذلك ما سنختاره : من عدم الفرق ـ بعد كفاية الامتثال الظنّي ـ بين الظنّ بأداء الواقع والظنّ بمتابعة طريق جعله الشارع مجزيا عن الواقع ، وسيجيء تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
فإن قلت : إذا لم يقم في موارد الشكّ ما ظنّ طريقيّته لم يجب الاحتياط في ذلك المورد من جهة كونه أحد محتملات الواجبات والمحرّمات الواقعيّة وإن حكم بوجوب الاحتياط من جهة اقتضاء القاعدة في نفس المسألة ، كما لو كان الشكّ فيه في المكلّف به ، وهذا إجماع من العلماء حيث لم يحتط أحد منهم في مورد الشكّ من جهة احتمال كونه من الواجبات والمحرّمات الواقعيّة ، وإن احتاط الأخباريّون في الشبهة التحريميّة من جهة مجرّد احتمال التحريم ، فإذا كان عدم وجوب الاحتياط إجماعيّا مع عدم قيام ما يظنّ طريقيّته على عدم الوجوب ، فمع قيامه لا يجب الاحتياط بالأولويّة القطعيّة.
قلت : العلماء إنّما لم يذهبوا إلى الاحتياط في موارد الشكّ ؛ لعدم العلم الإجمالي (٧٨١) لهم بالتكاليف ، بل الوقائع لهم بين معلوم التكليف تفصيلا أو مظنون لهم بالظنّ الخاصّ وبين مشكوك التكليف رأسا ، ولا يجب الاحتياط في ذلك عند
______________________________________________________
الاحتياط فيه.
٧٨١. لزعمهم انفتاح باب العلم ، إمّا وجدانا كالمرتضى والحلّي ، أو شرعا كالمشهور القائلين بالظنون الخاصّة.