إلّا أنّ هنا شيئا ينبغي أن ينبّه عليه (٧٧٥) ، وهو أنّ نفي الاحتياط بالإجماع والعسر لا يثبت إلّا أنّه لا يجب مراعاة جميع الاحتمالات ـ مظنونها ومشكوكها و
______________________________________________________
تكون الموهومات والمشكوكات خارجة من أطراف العلم الإجمالي ، فتنحصر أطرافها في المظنونات. ولا ريب في صلوحها لذلك ، إذ لو أخبر مائة نفر عن وقايع مختلفة ـ سيّما مع كونهم عدولا ثقات ـ يحصل العلم بصدق بعضها بل أكثرها. ونقول فيما نحن فيه أيضا : إذا لوحظت كثرة الأمارات الظنّية المتضمّنة للوجوب والحرمة ممّا عرفت يحصل العلم إجمالا بصدق بعضها ، ومطابقة جملة منها للواقع ، فتنحصر أطراف العلم الإجمالي في موارد هذه الأمارات ، ويجب الاحتياط فيها دون غيرها ، لفرض خروج الموهومات والمشكوكات من أطرافه. ولا يكفي في حصول العلم الإجمالي المذكور مجرّد العلم إجمالا بوجود أحكام في الشرع مع قطع النظر عن ملاحظة الأمارات المذكورة ، لاحتمال كون ذلك غير الوجوب والحرمة من الأحكام الثلاثة الباقية.
والوجهان الأوّلان لا يصلحان منشأ للعلم الإجمالي المذكور. أمّا الأوّل فإنّ مجرّد بعث النبيّ صلىاللهعليهوآله ونشر الأحكام لا يوجب العلم الإجمالي بوجود حكم من الأحكام الخمسة في كلّ واقعة فضلا عن أحد الحكمين الإلزاميّين ، ولذا ترى ذهاب العامّة العمياء إلى خلوّ أكثر الوقائع أو جملة منها من حكم واقعي ، وكون أحكامها تابعة لآراء المجتهدين ، وذلك إنّما هو لأجل عدم حجّية أخبار أئمّتنا عليهمالسلام عندهم.
وأمّا الثاني فإنّه لم يرد خبر بذلك ، فضلا عن ثبوت ذلك على سبيل القطع ، فتعيّن حينئذ أن يكون العلم الإجمالي المذكور ناشئا من ملاحظة كثرة الأمارات الظنّية ، وقد عرفت أنّ مقتضاها عدم وجوب الاحتياط في الموهومات والمشكوكات. وهذا محصّل كلامه ، وملخّص مرامه.
٧٧٥. توضيح ما ذكره : أنّ مقصود القائلين بالظنون المطلقة بدليل الانسداد هو كون الظنّ المطلق حجّة شرعيّة بمنزلة العلم الذي يجب الرجوع في الموارد الخالية منه إلى ما تقتضيه الوقائع الشخصية من حيث هي من الاصول. وبعبارة اخرى :