حجّيته فقد كان اللازم بمقتضى العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرّمات في الوقائع المشتبهة هو الاحتياط كما عرفت سابقا ، فإذا وجب الاحتياط حصل معرفة وجه العبادة وهو الوجوب ، وتأتّى نيّة الوجه (*) الظاهري كما تأتّى في جميع الموارد التي يفتي فيها الفقهاء بالوجوب من باب الاحتياط واستصحاب الاشتغال ، فتأمّل.
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ العمدة في ردّ الاحتياط هي ما تقدّم من الإجماع ولزوم العسر دون غيرهما.
______________________________________________________
إخبار النبيّ أو أحد الأئمّة صلوات الله عليهم ، ولا من ملاحظة كثرة الأمارات الشرعيّة من الأخبار ونحوها. ولا ريب في وجوب الاحتياط حينئذ ، بل لا خلاف فيه من الاصوليّين والأخباريّين ، لأنّ موارد البراءة إنّما هي ما احتمل فيه تقيّد تنجّز الحكم الواقعي بعلم المكلّف ، لا ما كان الحكم فيه منجّزا في الواقع مطلقا.
وثانيها : أن يخبر النبيّ أو أحد الأئمّة صلوات الله عليهم بأنّه يأتي زمان ينسدّ فيه باب العلم بالأحكام الواقعيّة ، ويكون بين المشتبهات في ذلك الزمان واجبات ومحرّمات قد اريد من المكلّفين الذين انسدّ لهم باب العلم امتثالها ، سواء كانت المشتبهات موهومات أم مشكوكات أم مظنونات أم مختلفة في ذلك. ولا ريب في وجوب الاحتياط حينئذ لو فرض العلم بإخبار النبيّ أو أحد الأئمّة صلوات الله عليهم.
وثالثها : أن يحصل العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرّمات المذكورة من ملاحظة كثرة الأمارات الشرعيّة ، كالأخبار المتكاثرة والإجماعات المنقولة والشهرات المدّعاة في الكتب الاستدلاليّة ونحوها ، إذ لا ريب في عدم صلوح الموهومات لذلك ، لأنّها وإن بلغت في الكثرة ما بلغت لا تصلح أن تكون منشأ للعلم الإجمالي المذكور ، لأنّه مع فرض حصول الظنّ بخلافها لا يعقل صلوحها لذلك. وكذلك الشكّ ، لأن كثرة المشكوكات لا تزيد عليها سوى الشكّ. وحينئذ
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «نيّة الوجه» ، نيّة الوجوب.