الثاني : لزوم العسر (٧٣٢) الشديد والحرج الأكيد في التزامه ؛ لكثرة ما يحتمل (٧٣٣) موهوما وجوبه خصوصا في أبواب الطهارة والصلاة ، فمراعاته ممّا يوجب الحرج ، والمثال لا يحتاج إليه ؛ فلو بنى العالم الخبير بموارد الاحتياط فيما لم ينعقد عليه إجماع قطعي أو خبر متواتر على الالتزام بالاحتياط في جميع اموره يوما وليلة لوجد صدق ما ادّعيناه.
هذا كلّه بالنسبة إلى نفس العمل بالاحتياط. وأمّا تعليم المجتهد موارد الاحتياط لمقلّده وتعلّم المقلّد موارد الاحتياط الشخصيّة وعلاج تعارض الاحتياطات وترجيح الاحتياط الناشئ عن الاحتمال القويّ على الاحتياط الناشئ عن الاحتمال الضعيف ، فهو أمر مستغرق لأوقات المجتهد والمقلّد ، فيقع الناس من جهة تعليم هذه الموارد وتعلّمها في حرج يخلّ بنظام معاشهم ومعادهم. توضيح ذلك : أنّ الاحتياط في مسألة التطهير بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر ترك التطهير به ، لكن قد
______________________________________________________
٧٣٢. لا يخفى أنّ مرجع هذا الوجه مع ملاحظة ما ذكره أخيرا إلى وجوه :
أحدها : لزوم اختلال نظم العالم ، وتشويش عيش بني آدم ، واضطراب امور معادهم.
وثانيها : مع التنزّل عن الأوّل لزوم العسر والحرج الأكيدين.
وثالثها : مع التسليم عدم إمكان الاحتياط في بعض الموارد ، لدوران الأمر في كثير من مسائل الاصول والفروع بين المحذورين كالقضاء والإفتاء مثلا ، لذهاب المجتهدين إلى وجوبهما ، والأخبار إلى حرمتهما. وقد أشار المصنّف رحمهالله إلى كلّ من هذه الوجوه في طيّ كلامه ، فلو كان قد أفرد كلّا منها دليلا برأسه كان أتقن وأتمّ في إثبات المدّعى.
٧٣٣. إنّما لم يقحم محتمل الحرمة هنا لعدم استلزام الترك ـ ولو كان متعلّقا بآلاف شيء ـ للحرج. وهو لا يخلو من تأمّل ، لأنّ الترك إذا تكثّرت متعلّقاته ربّما يؤدّي إلى ذلك لا محالة. ويمكن أن يقال بكون المراد بمحتمل الوجوب أعمّ من الفعل والترك ، فيشمل الواجب والحرام ، فتأمّل.