.................................................................................................
______________________________________________________
قال : «إنّه قد دلّت الأخبار القطعيّة والإجماع المعلوم من الشيعة على وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة ، بل ذلك ممّا اتّفقت عليه الأمّة ، وإن وقع هناك (*) خلاف بين الخاصّة والعامّة في موضوع السنّة ، وذلك ممّا لا ربط له بالمقام. وحينئذ نقول : إن أمكن حصول العلم بالحكم الواقعي من الرجوع إليهما في الغالب تعيّن الرجوع إليهما على الوجه المذكور ، حملا لما دلّ على الرجوع إليهما على ذلك. وإن لم يحصل ذلك بحسب الغالب ، وكان هناك طريق في كيفيّة الرجوع إليهما ، تعيّن الأخذ به ، وكان بمنزلة الوجه الأوّل. وإن انسدّ سبيل العلم إليه أيضا ، وكان هناك طريق ظنّي في كيفيّة الرجوع إليهما ، لزم الانتقال إليه والأخذ بمقتضاه ، وإن لم يفد الظنّ بالواقع ، تنزّلا من العلم إلى الظنّ مع عدم المناص عن العمل ، وإلّا لزم الأخذ بهما والرجوع إليهما على وجه يظنّ منهما بالحكم على أيّ وجه كان ، لما عرفت من وجوب الرجوع إليهما حينئذ ، فينزل إلى الظنّ. وحيث لا يظهر ترجيح لبعض الظنون المتعلّقة بذلك يكون مطلق الظنّ المتعلّق بهما حجّة ، فيكون المتّبع حينئذ هو الرجوع إليهما على وجه يحصل الظنّ منهما.
والحاصل أنّ هناك درجتين :
أحدهما : الرجوع إليهما على وجه يعلم منه بأداء التّكليف من أوّل الأمر ، إمّا لكون الرجوع إليهما مفيدا للعلم بالواقع ، أو لقيام دليل على الرجوع إليهما على وجه مخصوص ، سواء أفاد اليقين بالواقع أو الظنّ أو لم يفد شيئا منهما.
وثانيهما : الرجوع إليهما على وجه يظنّ معه بذلك وذلك بعد انسداد باب العلم إلى الأوّل مع العلم ببقاء التكليف المذكور فينزل في حكم العقل إلى الظنّ به. فإن سلّم انسداد سبيل الوجه الأوّل على وجه مكتفى به في استعلام الأحكام ، كما يدّعيه القائل بمطلق الظنّ ، فالمتّبع في حكم العقل هو الوجه الثاني ، سواء حصل
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «حيث اختلفوا في دخول قول الصحابة في السنّة وعدمه. منه».