الحديث والرجال بين أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، مع أنّ العلم بوجود الأخبار المكذوبة إنّما ينافي دعوى القطع بصدور الكلّ التي تنسب إلى بعض الأخباريّين (٦) ، أو دعوى الظنّ بصدور جميعها ، ولا ينافي ذلك ما نحن بصدده : من دعوى العلم الإجمالي بصدور أكثرها أو كثير منها ، بل هذه دعوى بديهيّة. والمقصود ممّا ذكرنا : دفع ما ربما يكابره المتعسّف الخالي عن التتبّع من منع هذا العلم الإجمالي.
ثمّ إنّ هذا العلم الإجمالي إنّما هو متعلّق بالأخبار المخالفة للأصل (٦٣٠) المجرّدة عن القرينة ، وإلّا فالعلم بوجود مطلق الصادر لا ينفع ، فإذا ثبت العلم الإجمالي بوجود الأخبار الصادرة ، فيجب بحكم العقل (٦٣١) العمل بكلّ خبر مظنون الصدور ؛ لأنّ تحصيل الواقع الذي يجب العمل به إذا لم يمكن على وجه العلم تعيّن المصير إلى الظنّ في تعيينه ؛ توصّلا إلى العمل بالأخبار الصادرة.
______________________________________________________
الموضوعة في الأخبار التي بأيدينا اليوم نادرة ، فالشبهة حينئذ من قبيل غير المحصورة ، فلا يجب الاجتناب ، بخلاف الأخبار الصادرة ، لأنّها كثيرة جدّا ، فالشبهة بالنسبة إليها من قبيل شبهة كثير في كثير وهي موجبة للاحتياط كما سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
٦٣٠. لا أرى وجها لإخراج الأخبار الموافقة للأصل من محلّ النزاع ، لأنّه إن أراد بذلك أنّ الموافقة تجعلها حجّة فهو كما ترى ، كيف والاصول لا تصلح للترجيح في تعارض الأخبار فضلا عن كونها مورثة للحجّية ، لاختلاف مرتبتها ، لأنّ موضوع الاصول هو الشكّ والأخبار تكشف عن الواقع. وإن أراد به عدم ظهور فائدة في النزاع في اعتبارها ، لكفاية الاصول عنها ، ففيه : أنّ الثمرة تظهر في تخصيص العمومات وتقييد المطلقات المعلومة الاعتبار. فإذا ورد خبر دالّ على فساد معاملة خاصّة موافق لأصالة الفساد فيها ، فإن كان هذا الخبر حجّة يخصّص به عموم قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) بخلاف ما لم يكن كذلك.
٦٣١. مرجع هذا الدليل إلى إجراء دليل الانسداد في خصوص الأخبار ، بتقريب أنّه لا شكّ في بقاء التكليف بالعمل بالأخبار الصادرة عن الأئمة عليهمالسلام ، و