.................................................................................................
______________________________________________________
ينبغي لهم أن يقولوا : فلان عدل وفلان ليس بعدل ، وهو خلاف ما جرى عليه ديدنهم ، إذ أقصى ما يقولون في مدح الراوي أنّه ثقة ، وهو أعمّ من إثبات العدالة. ودعوى أنّه يستفاد منه كون الراوي إماميّا ضابطا عدلا ممنوعة ، لأنّا لو سلّمنا ذلك في توثيقات النجاشي ، بناء على ما نقله الوحيد البهبهاني عن الشيخ محمّد بن صاحب المعالم من جريان ديدن النجاشي على إرادة ما ذكرناه من قوله : فلان ثقة ، فلا نسلّم في توثيقات غيره ، مع أنّ ذلك غير ثابت فيها أيضا كما لا يخفى.
ومنها : بناء العقلاء في جميع الأعصار والأصقاع على العمل بالأخبار الموثوق بها.
وبالجملة ، إنّ المنصف المتأمّل فيما قدّمناه يقطع بعدم اعتبار وصف العدالة تعبّدا في العمل بأخبار الآحاد ، وأنّ مخالفة مثل الأردبيلي ومن أشرنا إليه لا تصير منشأ للشبهة في المقام. وإذا لم يعتبر وصف العدالة فلم يبق من القيود الخمسة المتقدمة إلّا كون الراوي موثوقا بالصدق وكونه ضابطا ، بل لا معنى لاعتبار الضبط بعد اعتبار الوثوق ، لعدم حصوله بقول الراوي من دون علم بكونه ضابطا.
وبقي في المقام امور ينبغي أن ينبّه عليها :
الأوّل : أنّه إذا قلنا باعتبار خبر الثقة ، أعني : من يحصل الاطمئنان بقوله ، فهل المعتبر حينئذ هو نوع الخبر الذي يرويه الثقة ، وإن لم يحصل الوثوق في بعض الموارد بصدوره عن الإمام عليهالسلام لأجل معارضة الشهرة ونحوها ، أو المعتبر هو الموثوق بالصدور فعلا؟ وجهان ، من تعليق الحكم في ظاهر الأخبار المتقدّمة على خبر الثقة ، مثل الأمر باتّباع العمري وابنه وتعليله بأنّهما ثقتان ، وما تقدّم في زكريّا بن آدم وغيره. ولا ريب أنّ قبول خبر هؤلاء الموثّقين أعمّ من حصول الوثوق شخصا بصدوره عن الإمام عليهالسلام وعدمه ، غاية الأمر أن يكون الخبر لأجل وثاقة الراوي بحيث يفيد الوثوق الفعلي ما لم يمنعه مانع ، كما هو معنى الوثوق النوعي. ومن كون المناط في وجوب اتّباعهم هو ذلك ، سيّما مع ملاحظة التعليل