.................................................................................................
______________________________________________________
لا ريب في عدم إمكان نسبة الفسق إلى ابن الجنيد لأجل عمله بالقياس ، والظاهر أنّ تركهم للعمل برواياته إنّما هو من جهة أنّ العمل بالقياس من مذهب العامّة ، ومحظور في مذهبنا بالأخبار المتواترة ، فتركوا العمل برواياته لأجل عمله بالقياس تنبيها لغيره على حظر العمل به ، وكونه سببا لسقوطه عن أعين الناس ، ليتحرّزوا عن الوقوع فيما وقع فيه من الشبهة ، لا أنّ العمل به يوجب الفسق وعدم جواز العمل بروايات العامل به.
وأمّا الأخبار ، فمع عدم دلالتها على اعتبار العدالة كما ستعرفه معارضة بما هو أكثر منها ممّا تقدّم في كلام المصنّف رحمهالله أو لم يتقدّم ، فلا بدّ حينئذ من طرح تلك الأخبار. منها : ما دلّ على اعتبار خبر الثقة من حيث كونه ثقة ، مثل خبر الحسن بن علي بن يقطين في يونس بن عبد الرحمن ، وخبر علي بن يعقوب الكليني في العمري وابنه ، والوارد فيهما خبران ، والتوقيع الذي رواه الكشّي بسند صحيح عالي السند في يونس بن عبد الرحمن أيضا ، سيّما مع كون بعضها معلّلا.
ومنها : ما دلّ على جواز العمل بخبر غير العادل بل غير الإمامي أيضا ، مثل مرفوعة كناسي في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً). وما رواه الشيخ في العدّة ، وما رواه الشيخ أسد الله في رسالته المفردة في الإجماع من أنّ الباقر عليهالسلام قال : «إنّ لنا أوعية سوء نملؤها علما وحكما ، وليست لهما بأهل ، فما نملؤها إلّا لينتقل إلى شيعتنا ، فانظروا إلى ما في أوعية فخذوها ، ثمّ أخلصوها من الكدورة تأخذوا منها بيضاء نقيّة صافية ، وإيّاكم والأوعية ، فإنّها وعاء سوء فنكبوها». ومن أنّ الصادق عليهالسلام قال : «ذهب العلم ، وبقي غبرات العلم في أوعية سوء ، فاحذروا باطنها ، فإنّ في باطنها الهلاك ، وعليكم بظاهرها ، فإنّ في ظاهرها النجاة».
ومنها : ما دلّ على اعتبار خبر الصادق ، مثل الخبرين المرويّين عن الباقر عليهالسلام في المحاسن والجامع. ومن ملاحظة مجموع هذه الأخبار يحصل القطع بصدور بعضها عن الإمام عليهالسلام لا محالة ، فيكون حجّة في عدم اعتبار العدالة في العمل بأخبار الآحاد.