العامّة ، وهذا يناقض ما قدّمتموه. قلنا : ليس ينبغي أن يرجع عن الامور المعلومة المشهورة المقطوع عليها بما هو مشتبه وملتبس مجمل ، وقد علم كلّ موافق ومخالف أنّ الشيعة الإماميّة تبطل القياس في الشريعة حيث لا يؤدّي إلى العلم ، وكذلك نقول في أخبار الآحاد (٩) ، انتهى المحكيّ عنه.
وهذا الكلام ـ كما ترى ـ اعتراف بما يظهر (٥٨٧) منه عمل الشيوخ بأخبار الآحاد ، إلّا أنّه قدسسره ادّعى معلوميّة خلافه من مذهب الإماميّة ، فترك هذا الظهور أخذا بالمقطوع ، ونحن نأخذ بما ذكره أوّلا لاعتضاده بما يوجب الصدق ، دون ما ذكره أخيرا ؛ لعدم ثبوته إلّا من قبله ، وكفى بذلك موهنا ، بخلاف الإجماع المدّعى من الشيخ والعلّامة ؛ فإنّه معتضد بقرائن كثيرة تدلّ على صدق مضمونه وأنّ الأصحاب عملوا بالخبر الغير العلمي في الجملة. فمن تلك القرائن : ما ادّعاه الكشّي (٥٨٨) من إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عن جماعة ؛
______________________________________________________
٥٨٧. يعني : أنّ في الجواب اعترافا بالسؤال الذي يظهر منه عمل الشيوخ بأخبار الآحاد ، وقد عرفت ما فيه.
٥٨٨. قد حكى السيّد العماد الأمير محمّد باقر بن خالد الداماد في الرواشح عن أبي عمرو الكشّي قائلا : «قد أورد أبو عمرو الكشّي في كتابه الذي هو أحد الاصول إليها إسناد الأصحاب وعليها تعويلهم في رجال الحديث ، جماعة أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ، وأقرّوا لهم بالفقه والفضل والضبط والثقة ، وإن كانت روايتهم بإرسال ورفع أو عمّن يسمّونه وليس بمعروف الحال ، ولمة منهم في أنفسهم فاسد العقيدة غير مستقيمي المذهب ، لكنّهم من الثقة والجلالة في مرتبة قصوى. وقد جعلهم في ثلاث درج وثلاث طبقات :
الطبقة الاولى : وهي الدرجة العليا في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام. قال بهذه العبارة : أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، وانقادوا لهم بالفقه ، فقالوا : أفقه الأوّلين ستّة : زرارة ، ومعروف بن خرّبوذ وبريد ، وأبو بصير الأسدي ، والفضل بن