بل متواترا من قولهم عليهمالسلام : «اعرفوا منازل الرجال منّا بقدر روايتهم عنّا».
وما ورد من قولهم عليهمالسلام : «لكلّ رجل منّا من يكذب عليه». وقوله صلىاللهعليهوآله : «ستكثر بعدي القالة ، وإنّ من كذب عليّ فليتبوّأ مقعده من النّار». وقول أبي عبد الله عليهالسلام : «إنّا أهل بيت صدّيقون ، لا نخلو من كذّاب يكذب علينا». وقوله عليهالسلام : «إنّ الناس اولعوا بالكذب علينا ، كأنّ الله افترض عليهم ولا يريد منهم غيره». وقوله عليهالسلام : «لكلّ منّا من يكذب عليه». فإنّ بناء المسلمين لو كان على الاقتصار على المتواترات لم يكثر القالة والكذّابة ، والاحتفاف بالقرينة القطعيّة في غاية القلّة ، إلى غير ذلك من الأخبار التي يستفاد من مجموعها : رضا الأئمّة عليهمالسلام بالعمل بالخبر وإن لم يفد القطع.
وقد ادّعى في الوسائل تواتر الأخبار بالعمل بخبر الثقة ، إلّا أنّ القدر المتيقّن منها (٥٤١) هو خير الثقة الذي يضعف فيه احتمال الكذب على وجه لا يعتني به العقلاء ويقبّحون التوقّف فيه لأجل ذلك الاحتمال ؛ كما دلّ عليه ألفاظ «الثقة» و «المأمون» و «الصادق» وغيرها الواردة في الأخبار المتقدّمة ، وهي أيضا منصرف إطلاق غيرها.
______________________________________________________
الصادق عليهالسلام قال : «تزاوروا ، فإنّ زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكر لأحاديثنا ، تعطف بعضكم على بعض ، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم ، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم».
٥٤١. لا ريب في دلالة الأخبار المذكورة على اعتبار صنف خاصّ من الأخبار. وهل هو خبر العدل الإمامي المفيد للوثوق ، أو خبر العدل الإمامي مطلقا وإن لم يفد الوثوق ، أو ما أفاد الوثوق وإن لم يكن راويه عدلا إماميّا ، أو الخبر المظنون الصدور؟ وجوه لكلّ وجه.
أمّا الأوّل فلأنّه المتيقّن من ملاحظة مجموع الأخبار المذكورة التي أخذ في بعضها كون الراوي ثقة ، وفي بعض آخر كونه من شيعتهم الظاهر في كونه إماميّا وفي الثالث كونه عدلا إماميّا ، مثل قوله عليهالسلام : «فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، وحافظا لدينه ، مخالفا لهواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلّدوه». وقوله عليهالسلام : «المأمون على الدين والدنيا». وبعد حمل مطلق هذه الأخبار على مقيّدها