بل المتواتر : «إنّه من حفظ على أمّتي أربعين حديثا بعثه الله فقيها عالما يوم القيامة». قال شيخنا البهائي قدسسره (٥٣٨) في أوّل أربعينه : إنّ دلالة هذا الخبر على حجّية خبر الواحد لا يقصر عن دلالة آية النفر.
______________________________________________________
إن لم يكن عالما بمعناه في قوله صلىاللهعليهوآله : «رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى أفقه منه. وهل يصدق على من حفظ حديثا واحدا يتضمّن أربعين حديثا كلّ يستقلّ بمعناه أنّه حفظ الأربعين؟ احتمالان ، والقول به غير بعيد» انتهى.
وقال في مقام آخر : «قال بعض الشارحين : ليس المراد به الفقه بمعنى الفهم ، فإنّه لا يناسب المقام ، ولا العلم بالأحكام الشرعيّة عن أدلّتها التفصيلية ، فإنّه مستحدث ، بل المراد البصيرة في أمر الدين ، والفقيه أكثر ما يأتي في الحديث بهذا المعنى. فالفقيه صاحب البصيرة ، وإليها أشار بقوله : «لا يفقه العبد كلّ الفقه حتّى يمقت الناس في ذات الله ، وحتّى يرى للقرآن وجوها كثيرة ، ثمّ يقبل على نفسه فيكون لها أشدّ مقتا». ثمّ قال : هذه البصيرة إما موهبيّة ، وهي التي دعا بها النبيّ صلىاللهعليهوآله لأمير المؤمنين عليهالسلام حين أرسله إلى اليمن ، حيث قال : اللهمّ فقّهه في الدين ، أو كسبيّة ، وهي التي أشار إليها أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال لولده الحسن عليهالسلام : «وتفقّه يا بنيّ في الدين» انتهى كلامه.
ولا يخفى أنّ ما أراده من معنى الفقه لا يخلو من غموض. ولعلّ المراد منه علم الشريعة ، كما نبّه عليه الجوهري ، فيكون المعنى حينئذ : من حفظ على أمّتي أربعين حديثا فيما يحتاجون إليه في أمر دينهم وإن لم يكن فقيها عالما بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما داخلا في زمرة العلماء الفقهاء ، وثوابه كثوابهم بمجرّد حفظ تلك الأحاديث وإن لم يتفقّه في معانيها» انتهى.
٥٣٨. عن شرح الأربعين : «هذا الحديث مستفيض بين الخاصّة والعامّة ، بل قال بعضهم بتواتره. فإن ثبت أمكن الاستدلال به على أنّ خبر الواحد حجّة ، ولم أجد أحدا استدلّ به على هذا المطلب. وظنّي أنّ الاستدلال به على أنّ خبر الواحد