ثم إنّ هذه الآيات على تقدير تسليم دلالة كلّ واحدة منها على حجّية الخبر ، إنّما تدلّ ـ بعد تقييد المطلق (٥٠٦) منها الشامل لخبر العادل وغيره بمفهوم آية النبأ ـ على حجّية خبر العادل الواقعي أو من أخبر عدل واقعي بعدالته ، بل يمكن انصراف (٥٠٧) المفهوم ـ بحكم الغلبة وشهادة التعليل بمخافة الوقوع في الندم ـ إلى صورة إفادة خبر العادل الظنّ الاطمئناني بالصدق ، كما هو الغالب مع القطع بالعدالة ؛ فيصير حاصل مدلول الآيات اعتبار خبر العادل الواقعي بشرط إفادته الظنّ
______________________________________________________
على حجّية الإجماع ، ففيه : أنّه غير مجد في المقام ، إذ لا ريب في حصول العلم بأخبار الجميع ، فلا تثبت به حجّية أخبار الآحاد. وإن اريد بها إخبار بعضهم ، ففيه : أنّ الظاهر من الأمّة وضمير الجمع في قوله (جَعَلْناكُمْ) هو المجموع أو كلّ واحد. ومع الخروج من ظاهره يحتمل أن يكون المراد بالأمّة جماعة معيّنة يحصل العلم بأخبارهم كالأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، ولا معيّن لإرادة مطلق البعض. مع أنّ الظاهر من الشهادة في العرف العامّ ـ كما قدّمناه سابقا ـ هو الإخبار عن الموضوعات الصرفة ، فلا يشمل الإخبار عن الأحكام الكليّة. وإن كان الاستدلال بملاحظة ما ورد من الأخبار في تفسيره ، يرد عليه أنّ الأمّة مفسّرة فيها بأئمّتنا المعصومين عليهمالسلام ، فلا مساس له بما نحن فيه أصلا.
٥٠٦. لا يخفى أنّ التعارض بين منطوق آية النبأ وظاهر قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ...) على وجه التباين الكلّي ، لصراحته في دخول المؤذي للنبيّ صلىاللهعليهوآله في المؤمنين ، ولا ريب أنّ المطلق والمقيّد إذا كان المطلق صريحا في مادّة الاجتماع أجري عليهما حكم التباين الكلّي لا العموم والخصوص مطلقا.
٥٠٧. لا وجه لدعوى هذا الانصراف ، لعدم ذكر لفظ العدل في اللفظ حتّى يدّعى انصرافه إلى ما ذكره ، وإنّما ثبت حكم عدم وجوب التبيّن عن خبره من انتفاء وجوبه عن غير محلّ الوصف ـ أعني : الفاسق ـ قضيّة للمفهوم شرطا أو وصفا.