.................................................................................................
______________________________________________________
وتقريب الاستدلال بالاولى منهما أنّ الله تعالى قد أوجب فيها على نبيّه صلىاللهعليهوآله بيان ما نزّل إليهم وهو يشمل بيان جميع ما نزّل لجميع من كان موجودا في زمانه ومن يأتي بعده ، عملا بعموم الموصولة والناس ، والبيان يصدق على ما كان بلا واسطة وما كان معها. فتدلّ الآية على وجوب البيان على النبيّ صلىاللهعليهوآله جميع الأحكام للغائبين عن حضرة الرسالة. وبيانه لهم إمّا ببيانه لجماعة يحصل التواتر بأخبارهم لمن بعدهم ، وإمّا ببيانه لجماعة لا يحصل التواتر بأخبارهم. والأوّل يستلزم أحد محذورات ، وهو إمّا تقصير النبيّ صلىاللهعليهوآله في تبليغ الأحكام على الوجه الواجب عليه ، أعاذنا الله من القول به ، وإمّا تقصير السامعين ، بأن كان النبيّ صلىاللهعليهوآله قد أدّى ما وجب عليه إلّا أنّ السامعين قد قصّروا في النقل والتبليغ. وإمّا كون الأخبار المدوّنة الموجودة في الكتب المعتبرة كذبا ، بأن لم يقصّر النبيّ صلىاللهعليهوآله ولا السامعون في التبليغ ، إلّا أنّ عدم تواتر ما بلّغه النبيّ صلىاللهعليهوآله لأجل كذب الوسائط. ووجه لزوم أحد هذه المذكورات عدم تواتر أكثر الأخبار المتكفّلة لبيان الأحكام الشرعيّة. والأوّل باطل بالضرورة ، والثاني مستلزم لتهمة السلف ، بل وكذلك الثالث ، مضافا فيه إلى بعده جدّا ، كيف لا وقد ادّعى بعضهم العلم بصدور هذه الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام. والثاني هو المطلوب.
هذا ، ويرد عليه أوّلا : أنّه إنّما يتمّ لو قلنا بعموم الخطاب للمعدومين ، وهو خلاف التحقيق ، لأنّ المراد بقوله : (ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) هو خطابات القرآن ، أو هي مع غيرها ممّا أوحى الله تعالى إلى نبيّه. والمراد ببيان (ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) بيانه لمن خوطب بهذه الخطابات ، وليس هو إلّا من كان حاضرا في مجلس الخطاب ، أو كان موجودا في عصر النبيّ صلىاللهعليهوآله على الخلاف ، فلا يثبت وجوب البيان عليه لجميع الناس حتّى المعدومين ، وإن اشتركوا مع الحاضرين في أصل الأحكام الشرعيّة بدليل آخر من إجماع أو غيره على الاشتراك في التكليف.
وثانيا : منع بطلان اتّهام السلف ، بأن أدّى النبيّ صلىاللهعليهوآله ما وجب عليه بيانه لجماعة يحصل بهم التواتر ، إلّا أنّ بعضهم قصّر في التبليغ بحيث لا يحصل التواتر