__________________
ـ مما نقل عن علي كرم الله وجهه عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبه قال الشافعي رحمهالله أنه معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.
وأما الإسلام فهو بمعنى الاستسلام لغة ، وفي الشرع : الخضوع وقبول قول الرسول ، فإن وجد معه اعتقاد ، وتصديق بالقلب فهو الإيمان فالإيمان أخص من الاسلام ، ولهذا قال الله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ)[الحجرات : من الآية ١٤] بين أنه ليس في قلوبهم تصديق الرسول ، ولكنهم قبلوا قوله ، وأظهروا الخضوع مخافة.
وأما الكفر : فهو في اللغة ، الستر ، وإنما سمي الكافر كافرا لأنه يستر الحق وفي الشرع : إنكار ما علم بالضرورة مجيئ الرسول به.
ولا يكون بين الإيمان ، والكفر واسطة إذا فسر الإيمان بالتصديق إما إذا فسر بمجموع الطاعات فتتحقق الواسطة ، لأن من صدق الرسول في كل ما علم بالضرورة مجيئه به ، ويترك شيئا من العبادات لا يكون مؤمنا حينئذ ولا كافرا.
وسمى المعتزلة القسم منزلة بين المنزلتين.
وقالت الخوارج : من ترك شيئا من العبادات فهو كافر فعلي هذا لا يكون بين الإيمان والكفر واسطة أيضا.
والدليل على أن الطاعات جزء من حقيقة الإيمان لأنه لو كان كذلك لكان تقييد الإيمان بالطاعة تكريرا ، وبالمعصية نقضا لكنه باطل ، لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)[الكهف : من الآية ٣٠] وبقوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)[الأنعام : من الآية ٨٢].
ولما صح جعل القلب محلّا للإيمان إذ الطاعات ليست جميعها من أفعال القلوب لكنه باطل ، لقوله تعالى : (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ)[المجادلة : من الآية ٢٢] ، ولأن من صدق بالله وبرسوله ومات قبل أن يشتغل بطاعة مات مؤمنا إجماعا ، واحتج الخصم بوجوه :
فالأول فعل الواجبات هو الدين لقوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)[البينة : ٥].
وذلك يرجع إلى كل ما تقدم ، فكان كل ما تقدم هو الدين والدين هو الإسلام لقوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)[آل عمران : من الآية ١٩] ، والإسلام هو الإيمان إذ لو كان غيره لما كان الإيمان مقبولا : لقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)[آل عمران : ٨٥].