مجلى لصوّر كمالاته ، فمن رآه فقد رأى الحق ، ومن عمى عنه فقد عمى ، وكم ترى في كل عصر من يقبّل المصحف صباحا ومساء بناء على أنه كلام الله ، ويستحقر الإنسان الكامل مع أنه سرّ ذلك المصحف ، ولو كان عالما به فاستحقره ؛ لمسخ مسخ الأمم الأولى ؛ لكن قد يعذر بالجهل ، وذلك من رحمة الله تعالى بعباده ؛ ولذا ستر الله الأقطاب في كل عصر إلا عن أهل المعرفة.
فالمحجوب ينظر إليهم وهو لا يبصرهم ؛ وإنما يبصر البشر ، والمكاشف ينظر إليه ويبصرهم على أنهم صورة الحق تعالى.
وليس لله تعالى تجلّ إلا في مرائيهم وعلى صورهم ، ومن ينظر إلى الله وهو مجرّد عن النعوت ، فقد طلب المحال ، كما أن من أراد أن ينظر إلى الروح بدون توسّط مرآة البدن ؛ فقد ضرب حديدا باردا ، فإنه لا يتيسّر إلا بالمرآة ، ومرآته الجسم.
ومن هذا ظهر أن الإنسان الكامل رداء الحق ، فهذا الرداء لا يزول عن المرتدي أبدا ، وهو ليس بحجاب له ، كما أن المرآة كذلك مع القناع.
فعليك بفهم هذا المقام ، وكن مع أهل العافية والسّلام.
واعلم أن الله ليس منه أثر على الكون في الحقيقة ، وكذا الكون ليس منه أثر على الحياة في نفس الأمر ، وهو غنيّ عن العالمين (١).
__________________
(١) انتهى المجلد الأول وهو الخاص بالآيات القرآنية ، وإليك الجزء الثاني وهو الخاص بالأحاديث والواردات واللّطائف ، والله الموفق والمعين.