واعلم أن الإنسان الكامل ظاهره باطن الكافر ، وباطنه ظاهره ، وذلك أن ظاهره هو اللطف والجمال ، وباطنه هو القهر والجلال ، وقد كان حال الكافر في الظاهر ؛ هو الجلال الباطن في الإنسان الكامل ، كما إن حال الإنسان الكامل في الظاهر ؛ هو الجمال الباطن في الكافر ، فظاهر الكافر من قبله العذاب ، وباطنه فيه الرحمة ؛ فيكون الإنسان مظاهره وباطنه مرحوما إن كان مؤمنا ؛ لأنه لا أثر للجلال الباطن في الظاهر ؛ لأنه مطروح في المال كما سبق ، أو بباطنه مرحوما فقط إن كان خلافه ؛ لأنه لا أثر للجلال الظاهر في الباطن أيضا.
وإنما قلنا : إن باطن الإنسان الكامل ؛ هو القهر والجلال ؛ لأنه وإن كان مزكّى من الصفات بالرؤية لكن النفس أمّارة بالسوء ، ولو بالقوة ، وإلا لبطل التكليف ، ولمّا حصل الترقّي إلى أن يأتي اليقين ، فالاعتبار بالقوة لا يستدعي الحقيقة بالفعل ، وقد غفل عنه أكثر السالكين ؛ بل أغلب المكاشفين.
__________________
ـ متعاقبة ولا متفاوتة ، وهذه الكثرة في الوحدة ، فإذا قدرت بروز هذا المجموع بالتعاقب في الوضع ، والتلاحق في النسل بالبعد ، والقيل ؛ فقدّر بالحيثية الزمانية سبعمائة ألف سنة ، وتكون دقائقها التي ائتلفت منها ساعاتها وأيامها ، وجمعها وشهورها ، وسنينها في تقدير تكثيرها ، وتعددها نهاية في العدد ، وغاية في تكثير المدد : (لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا* وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)[مريم : ٩٤ ، ٩٥]. فإذا انتهى هذا العدد ، ونفد هذا المدد ؛ عاد الأمر ، وتجدّد حتى تكمل أحكام أيام السبع المثانى ، والقرآن العظيم ، ويختم الأمر عند تجلّي إحاطة بسم الله الرحمن الرحيم ، يكون ذلك وقت الفراغ والانصرام ، والقيام الأكبر في يوم الملك الحي القيّوم العلا ، وهذا من سرّ الوحدة في الكثرة ، وقد تقدّم أن الأيام الستة التي كل يوم منها بألف سنة ؛ هي أعمار الأجسام ، ودور ما دار في ترتيب النظام ، وإن الستة الحواس العقلية التي كل يوم منها بثمانية آلاف سنة ؛ وهو نظم اليوم الكلي الذي هو خمسون ألف سنة ، فتكون هذه العقلية برازخ لتلك الحسّية ، وأعمار أشباحها ، كما تلك أعمار أجسامها.
واعلم أن الزمن الفرد ؛ كالنقطة الفرد لا يحتمل الفوق ولا التحت ، ولا القبل ولا البعد ، ولا ظرف زمان ولا ظرف مكان ، وثم تتحقق حقائق العارفين ، وترسخ أقدام الواصلين ؛ وهو اليوم الربّاني الإلهي ، ومرآة التجلّي الرحماني العياني ، وإنما التنزيل بالتبارك حيث تبارك ستر ما هنالك : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [الرحمن : ٧٨].