__________________
ـ الضوء ، فهو خرق للعادة.
قال : وهذا الإدراك حاصل له صلىاللهعليهوسلم من حين رأى ربه ليلة الإسراء بعين بصره ، وما قيل : (كان له صلىاللهعليهوسلم حدقتان في ظهره) رد بأن ذلك مشوه للخلقة ، وقد كان سيدنا موسى يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء مسيرة عشرة أيام ، وقيل : فراسخ من حين كلّمه الله تعالى ، ثم قال : فذاك الإدراك ليس بحدقتين في ظهره ، كسم الخياط لا يحجبهما الثياب ، كما قال بعضهم فإنه لا أصل له ؛ إذ هو مشوه ، وليس هذا خاص بالصلاة انتهى.
وفي فيض القدير في حديث : «أتموا الصفوف» ما نصه : قال في المطامح في أبي داود عن معاوية ما يدل على أن هذا كان في أواخر عمره.
ولذا قال عياض : كان ذلك له بعد ليلة الإسراء كما كان موسى يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء من عشرة فراسخ بعد ليلة الطور ، انتهى منه بلفظه.
قال الشيخ جعفر الكتاني : وعياض ذكر هذا في الشفا في فصل وفور عقله صلىاللهعليهوسلم من الباب الثاني فراجعه.
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنهما أنها سئلت عن هذا الإدراك ، فقالت : «زيادة زاده الله إيّاها في حجته» ، وهو بضم الهاء ، يعني في معجزته.
وضبط بعضهم لها وهو بفتحها على أن معناه أن هذه الزيادة إنما وقعت له في آخر عمره في حجة الوداع ، غير صحيح.
مراقبة النبي صلىاللهعليهوسلم لأصحابه ، وقد ذكروا من جملة فوائد هذه الأحاديث مراقبة النبي صلىاللهعليهوسلم لأصحابه في حالة الصلاة ، كما أنه كان يراقبهم في غيرها من الأحوال سرّا وعلانية ، ظاهرا وباطنا ، غيبة وحضورا ، وقد كان على قدمه في هذا كبار العارفين والأولياء ، حتى كان الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه كثيرا ما يقول لأصحابه على كرسيه : إني أراكم كالزجاجات.
وكم من مريد أراد أن يرتكب بعض المحرمات وهو غائب عن شيخه ، فخرج عليه ومنعه من ذلك ، وقضاياهم في هذا كثيرة : منها : إنه وقع لعارف أن مريده أراد الزّنا بامرأة ، فلما همّ سمع صوت شيخه من بلاد بعيدة يقول له : هكذا تفعل يا فلان ، ففرّ هاربا.
ووقع لآخر مع مريده في نظير هذا أنه ما شعر إذ هم إلا والشيخ قد لطمه لطمة أذهبت بصره ، فخرج وأمر من جاء به إلى الشيخ ، فقال : ادع الله لي أن يرد بصري ، فإني تائب إلى الله تعالى ، فقال :
نعم ، ولكن لا تموت إلا أعمى ، فدعى له فردّ عليه بصره ، ثم عمي قبل موته بثلاثة أيام.
ووقع للشيخ أبي الغيث بن جميل اليمني أنه كان له تلميذ بالعجم فهمّ بالزنا بامرأة فضربه الشيخ بقبقابه مع زجر وغضب بحضرة الفقراء ، فلم يدروا ما الخبر ، حتى قدم الشخص العجمي بقبقاب الشيخ بعد شهر تائبا.
أمدّنا الله تعالى بمدد أوليائه ، ومنّ علينا بسلوك سبيل أصفيائه آمين.