__________________
ـ الملك الديان ، فالروح له العروج والارتقاء وقبول إفاضات الأنوار الرحموتية الكشفية ، وتلقيات العلوم اللدنية ، وتنزلات الروحانية ، والفتوحات الربّانية ، وخرق الحجب النورانية ، واتّباع الأقدام المحمدية للوصول للدخول والحضور بين يدي الحضرة الإلهية ، وتحقيق القرب والمشاهد لجمال الوجهة الربّانية الصمدانية ، والتجريد ، والتفريد ، والتخلّق ، والتشبّث ، والتعلّق بأذيال المحمدية ؛ لبلوغ المقصود من الإفاضات الرحموتية ، والإضاءات النورية لشهود رب البرية لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
وأما حجابيات النفوس فبالعكس مما ذكرناه من المهابط الدركية ، والمسالك الظلمية ، والمهالك النارية ، والمساكن الدنية ، والمنازل الحصرية ، والمطاعم الزقومية ، والمثاوب الحميمية ، والملابس النيرانية ، والسرابيل القطرانية ، جزاء الأعمال الكفرانية ، والأعمال الخسرانية ، فجزاء الحسنات أنوار روحانية ، ولطائف ضيائية ، وجزاء السيئات ظلم حجابية ، ولبس جسمانية نفسانية نارية كثائف أرضية.
قال الله تعالى : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ* ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ* ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)[المطففين : ١٥ ـ ١٧].
فأشد عذاب أهل الحجاب الطرد والإقصاء والإبعاد عن باب كرم الله ، والإياس من رحمة الله ، والوقوع في عين غضب الله ، وأدناه الوقوع في عين الجهل بالله ، والشرك في العمل لغير الله ، والغفلة عن القيام بحقوق الله ، والالتفات لمطامع النفوس بالتوجّه لغير الله ، وطلب الرزق من غير الله ، وجلب قلوب الآدميين إليه بما لا يرضى الله ، والغفلة عن الإنابة بالرجوع إلى الله ، والانهماك في طلب الدنيا حرصا عليها ، وجمعها لغير الله ، وإكثار ما تدخره النفس لضعفها عن الثقة بالله ، فالمتصفون بهذه الصفات محجوبون حجبا نفسانية دون الحجاب الأول ، ولكل وصف منهم عذاب يناسبه كثيف لكثيف ، ولطيف للطيف ، فحجب النفوس يعذّب به الأخسرين الظالمين ، والفاسقين الكافرين ، وحجب الأرواح ينعهم فيها الصالحون ، والشهداء ، والصديقون ، والأولياء.
فأما الأنبياء والمرسلون فلما كانوا معصومين من الكبائر برءوا من حجابيات النفوس ، وأما الصغائر فمن ناله بارق منه ، أو لحظة خاطر ، أو يسمع له لامع ، أو سنح له خاطر ، أو خطر له وهم ، أو عدل به فهم ، أو وقف عند دعوى ، أو شكى نزول بلوى ، أو لفت لغير ربه ، أو ذهل عن استغفار ذنبه ، فإن كل ذلك لطائف حجابيات ، تنعم فيها الأرواح في رياض الجنات ، مع أنها مشتغلة عن الغرق في لجج بحر التوحيد ، ومقام التفريد ، وحسناتهم لا تحصر عددا ، ولا تبلغ مددا ، وسيئاتهم حسنات