__________________
ـ قدر نضيج ، ولحم آخر خبيث ، فجعلوا يأكلون من الخبيث ويدعون النضيج الطيب ، فقال : يا جبريل ، من هؤلاء؟ فقال : هؤلاء الذين يزنون وعندهم النساء الحلائل الطيبات ، فيأتي أحدهم المرأة الخبيثة فيبيت معها حتى يصبح ، ثم مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك ، فقال : يا جبريل ، من هؤلاء؟ فقال : هؤلاء خطباء الفتنة ، ثم أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على حجر يخرج منه ثور عظيم ، فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع ، فقال : يا جبريل ، من هذا؟ فقال : الرجل يتكلم بالكلمة فيندم عليها ، فيريد أن يردها فلا يستطيع ، ثم مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قوم بطونهم كأمثال البيوت ، كلما نهض أحدهم يقوم خرّ على وجهه ، والناس يطئونهم وهم يضجرون إلى الله عزوجل ، فقال : يا جبريل ، من هؤلاء؟ فقال : هم الذين يأكلون الربا من أمتك ، لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، ثم مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قوم مشافرهم كمشافر الإبل ، فيفتح أفواههم ، ويلقمون الجمر ثم يخرج من أسفلهم ، وهم يضجرون إلى الله عزوجل ، فقال : يا جبريل ، من هؤلاء؟
فقال : هؤلاء من أمتك الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ، إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ، ثم مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على نساء متعلقات بثديهن ، وهن يضجعن إلى الله عزوجل ، فقال : يا جبريل من هؤلاء؟ فقال : هؤلاء الزناة من أمتك ، ثم مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قوم يقطع من جنوبهم اللحم فيلقمونه ، فيقال لأحدهم : كل كما كنت تأكل لحم أخيك ، فقال : يا جبريل ، من هؤلاء؟
فقال : هؤلاء الهمّازون من أمتك ، اللمّازون».
وفي رواية لأبي داود : «ثم مرّ يعني صلىاللهعليهوسلم بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقال : من هؤلاء؟ قال : الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم».
فائدة : قال العلّامة القرطبي : ومن التنعيم أو التعذيب ، وعندنا المثال في الدنيا ، وذلك كمن عرض عليه القتل ، أو غيره من العذاب ، أو ما يهدد به من غير أن يرى الآلة.
قال : ويدل له ما جاء في التنزيل في حق الكافرين قوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)[غافر : ٤٦] ، فأخبر تعالى أن الكافرين يعرضون على النار ، كما أن أهل السعادة يعرضون على الجنان ، ويدل للعرض العام ما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة».
قال بعض العارفين : هذا خاصّ بغير الشهداء ، أما هم فأرواحهم في الجنة كما في مسلم اه.
قلت : لا مانع من العموم ؛ لما في بعض الروايات من رجوعها إلى أجسادها بعد سروحها في الجنة ، وذلك لا يمنع من العرض عملا بالحديثين ، وسيأتي محله في مستقر الأرواح إن شاء الله.