فإن العجلة محمودة إذا كان المقصود الرضا ، والله المعين في كل الأحوال.
قول الجلوتية ـ بالجيم ـ أن السير بالخلوتية بالخاء المعجمة في البرزخ ؛ معناه : أن الجلوتية بالجيم لا يشتغلون بالأسماء ؛ بل سلوكهم بالتوحيد والمجاهدة ، كما هو طريقة الأصحاب.
فالمجاهدة والرياضة تصفّي المحلّ ، وتهيّأه للتجلّي والتوحيد تجلّي الموحد بالفتح في المحلّ ، فهناك ثلاثة أمور : المحلّ ، والسبب ، وظهور المسبّب في المحلّ ، وليس في ذلك برزخ وواسطة أصلا.
والحاصل أن مقصود السالك ظهور الموحد بالفتح له ، وهو الموحد بالكسر من غير واسطة ، وذلك إنما يحصل بالمجاهدة والتوحيد.
وأمّا الخلوتية بالخاء المعجمة ؛ فسلوكهم بالأسماء الإلهية ؛ وهي درجات متفاوتة إلى المسمّى ، فإن منها نازلة ، ومنها عالية ، والكل برازخ المسمّى.
كما قالوا : احتجت الذات بالأسماء ؛ وهي بالصفات ؛ وهي بالأفعال.
فالأفعال : حجاب على وجه الصفات ؛ وهي حجاب على وجه الأسماء ؛ وهي حجاب على وجه الذات.
فالذات : من حيث نفسها عارية عن الحجب ، وأمّا من حيث المراتب والأطوار ؛ فمحتجبة بما ذكر ، ولا حجاب بالنسبة إلى الله تعالى ؛ لأن الأسماء أسماؤه ، والصفات والأفعال أفعاله.
ولا شك أن أسماء الشيء مثلا ليست بحجاب عليه ، كما أن القناع ليس بحجاب على وجه العروس بالنسبة إليها بخلافه بالنسبة إلى غيرها.
فالعبد لا يزال في حجاب مادام في سير الأكوان ، وفي سير الأفعال والصفات والأسماء ؛ لأنها كلها برازخ للمسمّى ، فإذا وصل إلى الذات ؛ خلص عن الحجاب ، فكان من أمره التواضع ، كما أن النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا تجاوز عن مقام قاب قوسين ، ودخل على الله في مرتبة أو أدنى قال : أنا العبد لا إله إلا الله.
فطوبى لمن كان جامعا بين الفناء والبقاء بحيث لم يحتجب بأحدهما عن الآخر ؛ وهو معنى شرح الصدر في الحقيقة ؛ وهو الذي طلبه الكمّل ؛ وهو الاستغراق الدائم