__________________ـ
ـ وقال : غيره من بعض شراحها إن هذا المعنى غير صحيح والأخبار به مطعون فيها وقد علمت أنها بانضمامها يتقوى ولا يقصر معناها هذا عن درجة الحسن إن لم تقل أنه يبلغ درجة الصحة ومما يشهد له زيادة على ما سبق حديث جابر عند عبد الرزاق في مصنفه وعمر عند أبي مروان الطيي في فوائده وقد تقدم وأيضا فإن العلماء العاملين والصوفية المخلصين وأولياء الله المفلحين كلهم أو جلهم شرقا وغربا قد تلقوا معناها بالقبول والتسليم وتداولوه في مصنفاتهم وأشعارهم وكتاباتهم جازمين به من غير تردد ولا بحث والمعنى ، إذا تلقى بالقبول حكم بصحته وإن لم يكن له إسناد ولا دليل ظاهر لأنهم يحملون على أنهم وقفوا له على شواهد تثبته وإن لم تصل إلينا ولم نعلمها.
وقد ذكر الشيخ الأكبر في أول الفتوحات من خطبة خطبها بين يديه صلىاللهعليهوسلم في حضرة الجلال ومعه جميع الإرسال ، إن أول اسم كتبه القلم في اللوح المحفوظ أني أريد أن أخلق من أجلك يا محمد العالم الذي هو ملكك.
وفي حاشية العارف بالله القطب أبي زيد عبد الرحمن الفاسي على «دلائل الخيرات» لدى قوله فيه : والسبب في كل موجود ما نصه : قال في شرح الشفا على قوله لولاه ما خلقتك والخطاب لآدم ما نصه : هذا أدل دليل على ما هو المعهود الصحيح أنه صلىاللهعليهوسلم سبب الوجود وأنه لولاه لم تكن الأكوان والعجب ممن يتكلم في مثل هذا وأخذه في الكلام فيه ويبحث عن الأدلة في ذلك ومن أين يؤخذ وهل وجد في الحديث ما يدل عليه وكان يتوقف عليه قول البوصيري في قصيدته البردة :
لولاه لا تخرج الدنيا من العدم |
|
... |
ويقول من أين أخذه وفي هذا الحديث أقوى دليل عليه والحمد لله ، انتهى.
قلت أي قال العارف : وبيت البوصيري وإن توقف فيه بعض شراحه وقد سبقه إلى مثله ابن الفارض في قصيدة له تشاكل صدر البردة في ما هو من نفس المحبة :
لولاك يا أحمد المحمود ما طلعت |
|
شمس ولم تخرج الدنيا من العدم |
هذا وقد وردت أحاديث تقتضى بصحة ما أشار إليه كقوله عليهالسلام «أول ما خلق الله نورى ومن نورى خلق كل شيء» وكقوله : «أنا يعسوب الأرواح» يعني أصلها ورئيسها الكبير ومنه يعسوب النحل لأميرها وكقوله : «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين أو الروح والجسد» يعني قبل أن يكون وأحدا منهما وعلى ذلك نبه ابن الفارض بلسان الترجمانية عنه عليهالسلام بقوله :
وأني وإن كنت ابن آدم صورة |
|
فلي فيه معنى شاهد بأبوة |
وأفصح بذلك سيدي عبد السّلام بن مشيش بقوله في صلاته : ولا شيء إلا هو به منوط إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط ، وقد تقدم لنا التنبيه على أن هذا ومثله قد تحققه الصوفي من