قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مرآة الحقائق [ ج ١ ]

    مرآة الحقائق

    مرآة الحقائق [ ج ١ ]

    تحمیل

    مرآة الحقائق [ ج ١ ]

    143/436
    *

    وإنما خصّ عشية الإثنين ؛ لأن أبواب الجنة تفتح فيها بحرمة مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تلك الليلة ، كما تفتح في شهر رمضان ؛ فكانت ليلة الرحمة المطلقة ، والمغفرة العامة ، وخصّ عشية الخميس أيضا ؛ لأن الأعمال الأسبوعية تعرض على الله تعالى يوم الخميس ، فأحب صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يستغفر لأمته قبل العرض على الله تعالى حتى لا يبقى لهم سيئة معروضة عليه موجبة للخجل ؛ ولذا كان لا يزال يصوم الإثنين والخميس ؛ فيبقى سنة لأهل العزيمة من أمته لا يزالون يصومونهما إلى قيام الساعة في السفر والحضر.

    وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للمؤمن ألا يمر عليه ثلاث ساعات ؛ إلا ويجدد فيها التوبة لله تعالى ، فإن لم يرجع إلى الله فيها فليجتهد أن لا يمضي ست ساعات إلا وهو راجع فيها ؛ وذلك أن أيام الأسبوع وإن كانت سبعة ؛ لكن لمّا كان يوم الخميس يوم العرض ؛ فقد بقى لنا ستة أيام هي : أيام الأعمال ؛ وهو رمز لطيف لا ينتبه له إلا من كشف الله الحجاب عن بصيرته ، نسأل الله سبحانه أن لا يبقى لنا ذنبا إلا وغفر له ، ولا تلوينا إلا وبدّله التمكين بحرمة من جعله وسيلة لجنابه ، وشفيعا عند بابه.

    قال الله سبحانه وتعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) [النساء : ٦٩].

    : أي في أوامره ونواهيه.

    وقوله : (وَالرَّسُولَ) [الآية : ٦٩].

    __________________

    ـ له ناقة شردت عليه ، فأتّبعها الناس ، فلم يزيدوها إلا نفورا ، فناداهم صاحبها : خلوا بيني وبين ناقتي ، فإني أرفق بها منكم وأعلم. فتوجه إليها ، وأخذ لها من تمام الأرض ، ثم أتى بين أيديها ، فردّها حتى جاءت واستناخت ، وشدّ عليها رحلها وركبها ، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه ، دخل النار».

    فتأمّلوا رحمكم الله هذا الحديث العظيم ، وما اشتمل عليه من كمال حسن عشرته ، وسياسته مع خلق الله ، وشفقته عليهم ، ورحمته بهم ، ومعاشرته معهم ، وكمال الحرص والجد على نفعهم ، وتمام ملاطفته للجاهلين لحمله لأذاهم ، وتحمله عنهم ، فكان ذلك كله ناشئا عن تمام رحمته وكمال شفقته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا غرابة في أحواله وصفاته لأنه شكور لربه ، والشكور لله يكون في غاية الرفعة والكمال في جميع الأفعال ، وسائر الخصال.