الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق على كثرة الرّدّ ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الّذي لم تنته الجنّ إذ سمعته حتّى قالوا (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) ، من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» خذها إليك يا أعور» (١).
رواه من أهل السنّة الترمذي والدارمي في سننها ، ومن الإمامية محمد بن مسعود العيّاشيّ في تفسيره مع اختلاف يسير في ألفاظه.
وفي الحديث ما يدل على أن طائفة من الجنّ قد فهموا القرآن ، حيث علموا أنه : (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) وآمنوا به ، فكيف لا يفهمه البشر وقد نزل القرآن بلسانهم؟!
والحديث أيضا شاهد على أن الذين يطلبون الهدى في غير القرآن فلا يهديهم الله إلى صراط مستقيم ، فهل يجوز أن يقال الرجوع إلى القرآن لطلب الهدى باطل أو عبث بلا فائدة؟!
فالحقّ أنّ القرآن نزل بيانا للناس ليفهموا معالمه وليعرفوا مقاصده ، ومع ذلك جائز أن يقال : إن لفهم دقائق القرآن ومعرفة
__________________
(١) أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح : ج ٥ ، باب ما جاء في فضل القرآن ، ص ١٨٥ ، وجاء مثله في تفسير العياشي ج ١ ، ص ٣.