أنّ الميّت لا ينبعث منه دم إلّا ما كان محقونا قبل موته. وقد زعم بعضهم أنّ النفس هي الهامة الطائر الذي يصدح على القبر ، ولذلك قال بعض الشعراء في أصحاب الفيل [خفيف] :
سلّط الطير والمنون عليهم |
|
فلهم (١) في صدى المقابر هام |
ويزعمون أنّها تعلّم الميّت بما يكون من شأنه بعده. قال أميّة [كامل] :
هامي تخبّرني بما تستشعروا |
|
فتجنّبوا الشّنعاء والمكروها |
وقال توبة ، وينسب إلى غيره [طويل] :
لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا |
|
إليها صدى من جانب القبر صائح |
فدلّ أنّ الصدى والهام تنزل إلى قبورهم وتصعد حتّى قال رسول الله صلعم : لا هام ولا صدى.
ذكر الغول
٢٠١
فأمّا الغول فثابت عندهم ، وقد ذكر عمر بن الخطّاب رضياللهعنه أنّه شاهدها في بعض أسفاره وضربها بسيفه ، وذلك قبل الإسلام. وقد زعم بعض المتفلسفين أنّه حيوان مشوّه لم تحكمه الطبيعة ، فلمّا خرج منفردا في هيئته ونفسه توحّش في مسكنه ، وهو بين الإنسان والحيوان البهيمي. وقد ذكر أهل الهند أنّ ذلك إنّما يظهر من فعل (ما كان) (٢) عائبا من الكواكب عند طلوعها ، فيحدث رأس الغول عند طلوعه تماثيل وأشخاصا تظهر في الصحراء ، فسمّيت غولا باسم الطالع وهي ثمانية وأربعون كوكبا. ويحدث طلوع الكلب وهو الشّعرى العبور داء في الكلاب ، وسهيل في الجمال حتّى قيل إنّه لا يقع عليه عين جمل إلّا أهلكه.
__________________
(١) ل ن : فلم.
(٢) عن المسعودي ١٢٠٠ ، ل ن : من.