فانقرضوا. وسار (١) داسم (٢) بن عمليق بن لاوذ بن سام ـ وهم من العماليق ـ إلى أرض السّماوة ، وهي بين العراق والشّام ، فأهلكهم الله بالريح السّوداء لإفسادهم ، فلم يبق منهم باقية. وكانت بلاد داسم الجولان وبلاد حوران (٣) والبثنيّة ، وذلك بين دمشق وطبرية ، وانقرضوا وأبادهم الله جميعهم. وكذلك بنو طخم بن إرم نزلوا الطائف فدثروا ببعض غوائل الدهر ، وهم أول من وضع حروف المعجم.
١٩٩
فجميع العرب من أقطار الأرض من ولد عدنان بن قحطان ، والعرب تزعم أنّ ديار وبار سكنتها الجنّ وحمتها من كلّ من أرادها ، وكانت أخصب بلاد الله عزوجل وأكثرها شجرا وأطيبها ثمرا ، وإذا دنا أحد من تلك البلاد ساهيا أو متعمدا سفت الجنّ عليه سوافي الرمل وأثارت عليه الزوابع ، فخبلوه وربّما قتلوه. وقال الشّاعر في ذلك [طويل] :
دعا جهلا (٤) لا يهتدى بمقيله |
|
من اللؤم حتّى يهتدي لوبار |
فيزعمون أنه (٥) ليس بهذه الأرض إلّا الجنّ والجمال الوحشية ، وهذا عند كثير من ذوي الحجاز باطل.
٢٠٠
والعرب تعتقد أن نفس الإنسان دمه والروح هو المحرّك له ، ولذلك سمّوا المرأة نفساء لما يخرج منها من الدم. واختلف الفقهاء فيما له نفس سائلة إذا سقط في الماء ، وقال تأبّط [شرّا] لخاله الشنفرى وقد سأله [عن قتيل قتله كيف كانت قصّته فقال](٦) : ألحمته عضبا فسالت نفسه سكبا. واحتجّوا
__________________
(١) ل ن : وصارت ـ
(٢) ب : واسم ـ
(٣) ل ن : جرجان.
(٤) المسعودي ١٨١١ : جعلا ـ
(٥) ل ن : أن.
(٦) عن المسعودي ١١٩٠ ـ