عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله)(١) وسماهم الرسول (صلى الله عليه وآله) عندما خاطب الإمام علي عليهالسلام بـ : الناكثين ، «تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين»(٢). لقد كانت هذه الوقعة مدعاة للتفكر والتدبر في كيفية تخريج الأحكام الفقهية المترتبة على الأسرى وغيرهم ، ولذا نرى أحدهم يقول : «لولا سيرة أمير المؤمنين عليهالسلام في أهل البغي ما كنا نعرف أحكامهم»(٣) وليس من شأننا الغور بتفاصيل تلك الأحكام(٤) وإنّما همّنا الشعرفي هذه الوقعة الذي كان له دور فاعل ، وتأثير عميق في المواقف المختلفة لها ـ الحرب ـ عند كلا الجانبين ، فضلا عن تأثيرها في المتلقي.
إذن ... كانت وقعة الجمل ، وكان أخذ الثأر لعثمان هو الحجة الواهية ، وكانت عائشة (الأم) الرمز المخدوع في أحسن الأحوال ، فكان ما كان من أحداث تلك الوقعة.
منهج التحقيق :
بالنظر للأهمية الكبرى لوقعة الجمل في التاريخ الإسلامي ـ كما ذكرنا سابقاً ـ فقد لقيت عناية خاصة من مؤلفي التاريخ ورواته (٥) وصنفوا لها كتبا مستقلة أشبعتها بحثا وتنقيباً ، وقد أفاض محقق كتاب وقعة الجمل (الغلابي) بذكر مسرد للكتب التي حملت اسم الجمل (٦) وأغلب هذه الكتب
__________________
(١) سورة الحجرات : ٩.
(٢) ينظر : المستدرك : ٣/١٣٩ ، والاستيعاب : ٣/٥٣ ، وكفاية الطالب : ١٨٦ ، وأسد الغابة : ٤/٣٣.
(٣) شرح الأصول الخمسة : ١٤١.
(٤) ينظر تفصيل الأحكام المتعلقة بها في كتاب : الجمل (المفيد) : ٥٠ وما بعدها.
(٥) ينظر مثلاً : تاريخ الطبري ما يتصل بحوادث سنة ٣٦هـ.
(٦) ينظر : وقعة الجمل (الغلابي) : ٨ ـ ١٤.