تاريخ الطبري ، ويبدو أنّهم عيال عليه وذلك لاعتمادهم على ما نقل في تاريخه ، وهو أمّا لوثاقته أو أنّه جمع كتب وروايات الذين سبقوه وضمّنها كتابه ، فقد اهتمّ بكتابة التاريخ وقدّمه على تفسيره للقرآن الكريم وأنّ هناك عدّة أقوال في هذا ، وعلى كلّ حال فهو من الفقهاء والمحدّثين الذين أولوا للتاريخ أهمّية خاصّة ، فقد كان من رأيه أن يكتب التاريخ من ثلاثين ألف ورقةولما اعترض عليه تلاميذه بأنّ هذا يفني العمر اختصره إلى نحو ثلاثة آلاف ورقة(١) ، هذا الاهتمام بالتاريخ وبهذا الشكل جعل له الأهمّية الأولى من بين كتب التاريخ من حيث المنهجية وسرد الروايات بشكل يجعل الباحث يتابع الروايات المروية من طرق متعدّدة ، ومنها روايات عقبة بن سمعان المختصّة بواقعة الطفّ ، وأهميّتها تكمن في مدى قيمتها التاريخية من ناحية التحليل والاستنتاج وذلك لقربه من الأحداث بل هو في وسطها واكتوى بنارها ، وهو ممّا يجعل العذر للباحث التاريخي في الاهتمام بمثل هذه الروايات عند البحث عن ظروف وملابسات واقعة الطف وشهادة الإمام الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأصحابه.
إنّ الطبري يرجّح أقوال شهود العيان على غيرهم لما لشهادتهم من أثركبير في تصوير الموقف واعطاء صورة دقيقة محسوسة عنه ، كما أنّ الطبري يقيم وزناً لشهادات المعاصرين للحوادث ولأبناء المعاصرين(٢).
__________________
(١) موارد تاريخ الطبري ، مجلّة المجمع العلمي العراقي ، السنة الأولى ١٣٦٩هـ/١٩٥٠م ١/١٧٦.
(٢) المصدر السابق : ١٨٠.