أَبْوابَ مَعْصِيَتكَ وَاجْعَلْني مِنْ زُوَّارِكَ وَعُمَّارِ مَسَاجِدِكَ وَمِمَّن يُنَاجيكَ فِي الَّليْلِ وَالنَّهِارِ وَمِنْ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِم خَاشِعُونَ وَادْحَرْ عَنّي الشَّيْطَانَ الرَّجيمَ وَجُنُودَ إبليس أَجمعِين» ، فإذا دخل المسجد أو ما هو في حكمه أو غيرهافوقف في مصلاّه وكان في وقته اتّساع عن مقدار أداء النافلة ووظائفها المهمّة اشتغل بقدر وسعه بما ورد عن سادة الأنام عليهمالسلام في مناجات الملك العلاّم في كبد الأسحار وجوف الظلام ، وهي عنهم كثيرة لا تحصىولكنّا نذكر منها ما تتحرّك بها العزائم الجامدة وتنتعش من رقّتها وطراوتهاالأرواح الميّتة والأبدان الهامدة ، فمن ذلك ما في الحديث المعروف عن أبي ألدرداء عن أمير المؤمنين عليهالسلام المرويّ في الكتب المعتبرة كمجالس الصدوق(١) وغيره قال في جملة حديثه : «فافتقدته وبَعُدَ عليَّ مكانُه فقلت لحق بمنزله فإذا أنا بصوت حزين ونغم شجيٍّ وهو يقول عليهالسلام : إِلهي كَمْ مِنْ مُوبِقَةً (٢) حَمَلتَ عَنِّي(٣) مُقَابِلَتَها بِنَعْمتِك وَكَمْ مِنْ جَرِيرَةً (٤) تَكَرَّمْتَ عَنْ كَشْفِها بِكَرَمِكَ إِلهي اِنْ طَالَ فِي عِصْيانِكَ عُمْرِي وَعَظُمَ فِي الصُّحُفِ ذَنْبِي فَمَا أَنَا بمؤَمِّل غَيرَ غُفْرانِكَ وَمَا أَنَا بِراج غَيَر رِضْوَانِكَ إلهي أَنْظُرُ(٥) عَفْوَكَ فَتَهُونُ عَلَيَّ خَطِيئَتي ثُمَّ أَذْكُرُ العَظِيمَ مِنْ أَخْذِكَ فَتَعْظُمُ عَلَىَّ بَلِيَّتي آه اَنْ أَنا قَرَأْتُ فِي الصُّحُفِ سَيِّئَةً أَنا نَاسِيها
__________________
(١) أمالي الصدوق : ١٣٧ ، ح ٩.
(٢) وبق ، يوبق ، وبقاً أوبقت فلاناً ذنوباً : أهلكته ، موبقة : مهلكة.
(٣) وفي نسخة الصحيفة العلوية : ٤٧٨ ، حَلُمتَ عن مقابلتها وهما بمعنى واحد. يقال : حَمَلَ عنه : أي حلم وصفح وستر.
(٤) الجزيرة : ما يجرّه الإنسان من ذنب ، فعيلة ، بمعنى مفعولة.
(٥) في أمالي الصدوق : إلهي أفكرّ في عَفْوك.