فإن سأل سائل فقال : لم قال : (هذانِ) ثم قال : (اخْتَصَمُوا)؟
فالجواب فى ذلك : أنّ الخصم ، وإن كان لفظه واحدا. فإنّ معناه الجمع. تقول العرب : هؤلاء / خصمى ، كما تقول : هؤلاء ضيفى ، وكان الأصل فى ذلك (١) أنّ يهوديا قال لنصرانىّ : ديننا خير من دينكم ، لأنّا سبقناكم بالإيمان ، فقال مسلم : بل ديننا خير من ديناكما ؛ لأنّا آمنا بأنبيائكما وكفرتما بنبيّنا ؛ لأنّا صدّقنا نبينا ونبيكم وكذبتم بنبينا ، وحرّفتم ما قال نبيكم فى نبينا فصرتم بذلك كافرين بهما. فذلك قوله : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا).
٦ ـ وقوله تعالى : (وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ) [٢٥].
قرأ ابن كثير البادى بالياء ، على أصل الكلمة ، لأنّك تقول : بدا يبدو : إذا دخل البادية فهو باد مثل الدّاعى والأصل البادو ، فصارت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، فكان يثبتها وصلا ، ووقفا.
وكان أبو عمرو ونافع يثبتان الياء وصلا ، ويحذفانها وقفا ، ليكونا قد تبعا الأصل تارة ، والمصحف أخرى ، وهو الاختيار.
وقرأ الباقون (الْبادِ) بغير ياء. ولهم ثلاث حجج :
اتّباع المصحف.
والاجتزاء بالكسرة عن الياء.
__________________
(١) انظر تفسير الطبرى : ١٧ / ٩٩ ، وأسباب النزول للواحدى : ٣١٩ ، وتفسير القرطبى : ١٢ / ٢٥ ، والدر المنثور : ٤ / ٤٤٩. عن ابن عباس رضى الله عنهما. مع اختلاف فى اللفظ فلعلّ المؤلف رحمهالله رواه بالمعنى لا باللفظ.