(ومن سورة عم يتسآءلون)
قال أبو عبد الله : إنما نزلت هذه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا حدّث قريشا وعرّفهم أخبار الأمم السّالفة ووعظهم فكانوا يهزأون بذلك فنهاه الله أن يحدّثهم ، فقال (١) : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ). فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحدث أصحابه فإذا أقبل واحد من المشركين أمسك فاجتمعوا عن بكرة أبيهم فقالوا : والله يا محمد إنّ حديثك لعجيب ، وكنّا نشتهى أن نسمع حديثك فقال : إنّ ربى نهانى أن أحدّثكم فأنزل الله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) [١] لفظه لفظ الاستفهام ومعناه التّوبيخ. ثم بيّن الله تعالى فقال : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) أى : تسألون عن النّبأ العظيم والأصل فى عمّ : عمّا ، فحذفت الألف اختصارا ، ومثله : (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها)(٢) والأصل : فيما ، ومثله لم ، والأصل : لما ، وكذلك العرب تحذف ألف علام يذهب ، ولم يأت ذلك فى القرآن.
حدّثنى أبو عمر عن ثعلب عن سلمة عن الفرّاء عن الكسائى قال : تقول العرب : لم فعلت ، ولم فعلت ، ولم فعلت ، ولما فعلت أربع لغات. وقد روى عن ابن كثير أنه كان يقف عمّه ، ومه بالهاء.
١ ـ وقوله تعالى : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [٤ ، ٥].
__________________
(١) سورة النساء : آية : ١٤٠.
(٢) سورة النازعات : آية : ٤٣.