وحدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء عن أبى جعفر الرّؤاسى قال (١) : اجتاز الفرزدق بعبد الله بن أبى إسحق النّحوىّ ، فقال له : يا أبا فراس علام رفعت «إلا مسحتا أو مجلّف»؟ قال : على ما يسوؤك وينوؤك.
وفى غير هذا إنّه قال يهجوه (٢) :
فلو كان عبد الله مولى هجوته |
|
ولكنّ عبد الله مولى مواليا |
وقيل له : وجب أن يقول : مولى موال مثل جوار وغواش. فقال : سلوا عن علّة ذلك الذى يجرّ خصييه ، يعنى : ابن أبى إسحق. وكان أبو حاضر النّحوىّ عنده ، فقال له : لحنت يا أبا / فراس. قال : والله لأهجونّك ببيت يستشهد به إلى يوم القيامة.
أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه |
|
ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكّرا (٣) |
__________________
(١) معانى القرآن : ٢ / ١٨٢ ، ١٨٣ ، مع اختلاف فى الرّواية والخبر فى طبقات الزّبيدى : ٢٧٥ .... وغيره وهو مشهور.
(٢) الكتاب : ٢ / ٥٨ ، ٥٩ ، وطبقات فحول الشعراء : ١٨ ، وما ينصرف وما لا ينصرف : ١١٤ ، والموشح : ١٤٩ ، وضرائر الشعر : ٤٢ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ١ / ٦٤ ، والخزانة : ١ / ١١٤.
(٣) قال ابن دحية فى تنبيه البصائر : ٢٣ الخرطوم : أول ما ينزل من الدّن إذا بزل. وهو اشتقاق حسن ؛ لأنّ مقدم كلّ شىء خرطومه. ومنه سمى الأنف خرطوما ... وقال : قيل وسمّيت خرطوما ؛ لأن مدمنها إذا شمّها فى أول شربه إياها صرف وجهه عنها فكأنّها تأخذ بالخراطيم ، وإليه ذهب إسحق بن الجنيد حيث يقول :
نظرت نظرة إلىّ وصدّت |
|
كصدود المخمور شمّ الشّرابا |
البيت للفرزدق : ديوانه : ٣٧٣ ، والجليس الأنيس : (خرطوم) والمقصود والممدود لابن ولاد : ٥٠ ، وغيرها.