(ومن سورة الدّخان)
قال أبو عبد الله : قد ذكرت التأويل والتّلاوة فى (حم) وإنما أعدت ذكره ؛ لأنّ الله تعالى قال فى هذه السّورة : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) فقال ابن مسعود : قد مضى الدّخان والبطشة وانشقاق القمر. وذلك أنّ المشركين سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يريهم آية فصار القمر نصفين. فقالوا سحر القمر ، سحر القمر ، والبطشة الكبرى / والدّخان هو دعاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قال (١) : «اللهمّ اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسنىّ يوسف» فكان يتغشّاهم من الحرب والجوع كالدّخان.
وحدّثنى محمّد بن حمدان المقرىء قال : غزا المعتصم الرّوم ذات مرة فلما نزل بساحتهم صدع فبلغ ذلك ملك الرّوم فبعث بقلنسوة فحين وضعها على رأسه برىء ففتقت فإذا فيها رقعة مكتوب (٢) فيها «بسم الله الرّحمن الرّحيم كم من نعمة لله على عبد شاكر وغير شاكر فى عرق ساكن وغير ساكن. حم عسق لا يصدّعون عنها ولا ينزفون من كلام الرّحمن خمدت النّيران نار التهبت فسمعت صوت الرّحمن فهمدت ولا حول ولا قوة إلّا بالله تعالى» خمدت : سكن لهبها وبقي الجمر ، وهمدت : انطفأ الجمر وسكن اللهب.
١ ـ وقوله تعالى : (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [٧].
قرأها أهل الكوفة : (رَبِ) بالخفض ، وكذلك فى (المزّمّل) و (عمّ يتساءلون).
__________________
(١) أخرجه البخارى فى صحيحه : ١ / ١٩٥ (كتاب الأذان) باب يهوى بالتكبير حين يسجد.
(٢) فى الأصل : «مكتوبة».