واختلف النّاس فى الكبائر ، فقال قوم : كلّ من أرتكب كبيرة فهو فى النار خالدا مخلّدا (١) ، وقال أهل السنة : كل من ارتكب ذنبا صغيرا أو كبيرا ليس الشّرك بالله فإنّ الله تعالى جائز أن يغفر له ، لأنّ الله تعالى قال (٢) : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنّ رجلا ممن كان قبلكم قتل مائة حنيف إلا واحدا ، ثم جاء إلى راهب فقال يا راهب إنّى قتلت مائة حنيف إلا واحدا ، فهل من توبة؟ فقال : لا أرى لك توبة ، فاغتاظ ، وقتل الرّاهب فجاء إلى راهب فقال : يا راهب ، إنى قتلت تسعة وتسعين حنيفا فأتممتها مائة براهب هل من توبة؟ قال : نعم فالزمنى وافعل ما أفعل ، قال : فلزمه ، فكان يصلّى إذا صلّى ، ويصوم إذا صام فأمره الرّاهب يوما أن يسجر تنورا فجاء إليه الراهب ضجرا فقال : قد سجرت التنّور ، فأعاد عليه مرارا ، فقال الرّاهب بضجر : مر فأجلس فيه فذهب فألقى نفسه فى التنّور فصار عليه بردا وسلاما ، فجاء الرّاهب فرأى التنور يتأجج ولم يصب الرّجل لفح النّار ، فقال : بأبى اخرج فأنت خير منى ، قال : لا ، ولكن أخدمك لأنّك خير / منى ، قال : فدعنى أفارقك ، قال : ذاك إليك ، فساح فى البرارى فكان يأنس بالوحش ، ولا يضرّه السّباع حيث قبل الله توبته (٣).
٧ ـ وقوله تعالى : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) [٥١].
قرأ نافع : أو يرسلُ بالرّفع فيوحىْ بإسكان الياء نسق على فيرسل وذلك أنّ العرب إذا طال النّسق خرجوا من النّصب إلى الرّفع. فأمّا قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) هو أن يلهم الله عزوجل النبى عليهالسلام ، أو يوحى الله فى نومه أو من وراء حجاب يعنى :
__________________
(١) هم الخوارج.
(٢) سورة النساء : آية : ٤٨.
(٣) الحديث برواية أخرى فى فتح البارى : ٦ / ٥١٦ رقم (٣٤٧٠) كتاب (أحاديث الأنبياء).