(ومن سورة سبأ)
قوله تعالى : (عالِمِ الْغَيْبِ) [٣].
قرأ حمزة والكسائىّ : علّام الغيب بالخفض نعت للرب تعالى فى قوله : قل بلى وربّى علّام الغيب لأنّ «بلى» صلة للقسم ، و «ربّى» جرّ بواو القسم. و «علّام» أبلغ فى المدح من «عليم» و «عالم» لأنّ فعّالا لفعل وضع للتّكثير والدّوام ، والمبالغة فى الصّفة كقوله : [جزّار] وحلّاق ، وفلان سبّاق بالخيرات ، واحتجا بما حدّثنى ابن مجاهد عن محمّد بن هرون عن يحيى بن زياد قال : فى حرف ابن مسعود علّامُ الغيب واحتجّا أيضا بما فى / آخر السّورة (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [٤٨].
وقال الباقون أعنى من قرأ : (عالِمِ الْغَيْبِ) وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) فى آخر السّورة مضاف إلى الجمع فشدّدت للتّكثر والتّرديد. كما تقول العرب : أغلقت الباب مخفّفا فإن جمعوا قالوا غلّقت الأبواب ، وذبّحت الشّاء قالوا : والاختيار (عالِمِ الْغَيْبِ) كما قال تعالى فى : (قد أفلح) (١)(عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
وقرأ نافع وابن عامر : عالمُ الغيب بالرّفع على الابتداء والخبر : هو عالم الغيب. والعرب تقول : رجل عالم فإذا زادوا فى المدح قالوا : عليم ، فإذا بالغوا فى الوصف قالوا : علّام ، وعلّامة.
__________________
(١) الآية : ٩٢.