فإن سأل سائل فقال : لم قال الله تعالى : (مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) بفتح اللّام ، وقال : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) بكسر اللّام. وموضعهما نصب؟
فالجواب فى ذلك : أنّ العرب تقول : رأيت أهلك / يريدون جميع القرابات ، ومنهم من يقول : رأيت أهلين ، فجمع أهلا على أهلين فقوله : (وَأَهْلِيكُمْ) يريد تعالى : وأهلينكم ، فذهبت النون للإضافة والياء علامة الجمع والنّصب ، واللام كسرت لمجاورة الياء ، ومن ذلك الحديث (١) : «إنّ لله أهلين قيل : من هم؟ قال : أهل القرآن هم أهل الله وخاصته». من العرب من يجمع أهلا أهلات أنشدنى ابن مجاهد (٢) :
فهم أهلات حول قيس بن عاصم |
|
إذا أدلجوا بالّليل يدعون كوثرا |
والصّواب : أن تجعل أهلات جمع أهلية.
فإن قيل لك : يجوز أن تقول : أهلون بفتح الهاء كما تقول : أرضون إذ كان الأصل فيه أرضات؟
فالجواب فى ذلك قال سيبويه (٣) : إنما جمعت أرضون على فتح الرّاء ؛ لأن الأصل أرضات. فلما عدل إلى جمع السلامة بالواو والنون تركت الفتحة التى كانت فى أرضات ؛ لأن ما لا يعقل لا يجمع بالواو وبالنون.
__________________
(١) تقدم ذكره فى أول الكتاب.
(٢) البيت للمخبّل السّعدىّ فى ديوانه : ١٢٥. وينظر : الكتاب : ٢ / ١٩١ ، والخزانة : ٣ / ٤٢٧ وقد تقدم ذكره فى الجزء الأول : ٤٠٤.
(٣) الكتاب : ٢ / ١٩٢.