على الاستثناء في قول الأخفش (١) ، ومن قرأ (غَيْرِ) بالخفض فإنّه يجعله بدلا من (الَّذِينَ) وصفة لهم. والفرق بين «غير» إذا كانت صفة أو كانت استثناء حسن إلا في مواضعها كقولك : عندي درهم غير دانق ، وعندى درهم غير زائف ، لأنه لا يحسن أن تقول : عندي درهم إلا زائفا.
واعلم أنّ المدّة في قوله تعالى : (وَلَا الضَّالِّينَ) إنما أتي بها لتحجز بين السّاكنين وهي اللام المدغمة وألف التي قبلها.
وقال الأخفش : المدة عوض من اللّامين. وقال ثعلب : لما كانت الألف خفية والمدغم خفىّ قووهما بالمدّ.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه : ومن العرب من يجعل المدّة همزة فيقول : ولا الضَّألين / وقد قرأ بذلك أيّوب (٢) السّختيانيّ.
أنشدنى ابن مجاهد رضي الله عنه (٣) :
__________________
(١) جاء فى معانى القرآن للأخفش : ١ / ١٦٦ «وقد قرأ قوم غيرُ المغضوب عليهم جعلوه على الاستثناء الخارج من أول الكلام ... وإن شئت جعلت «غير» نصبا على الحال ؛ لأنّها نكرة والأول معرفة» ورأي الأخفش هذا الذى ذكره المؤلف فى إيضاح الوقف والابتداء : ١ / ٤٧٧ ، وإعراب القرآن : ١ / ١٠ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٩.
(٢) مختصر الشواذ للمؤلف : ١ ، والطّارقية له : ٣٤ ، والمحتسب : ١ / ٢٦. وقراءة أيوب فى تفسير القرطبىّ : ١ / ١٥١ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٠.
(٣) هذا الرّجز مما حكته العرب على ألسنة الحيوانات فتزعم أنه من كلام الضب للضفدع ، وهو فى الخصائص : ٣ / ١٤٨ ، والمنصف : ١ / ٢٨١ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ٧٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٩ / ١٣٠ ، وضرائر الشعر : ٢٢٢ ، والممتع : ٣٢١ ، وشرح شواهد الشافية : ١٧٢ قال البغدادى ـ رحمهالله ـ : «وهذا يشبه أن يكون من خرافات العرب». حمارقبان : دويبة من خشاش الأرض ، قال الثعالبى : وهو ضرب من الخنافس بين مكة والمدينة وأنشد البيت قال : ومن أمثال العرب : (أذلّ من حمارقبان) (ثمار القلوب : ٣٦٩) وينظر : الدرة الفاخرة : ١ / ٢٠٣ ، والجمهرة : ١ / ٤٧٠ ، ومجمع الأمثال : ١ / ٢٨٣ ، والمستقصى : ١ / ١٣٣.