٣٤ ـ وقوله تعالى : (بَيْنَ السَّدَّيْنِ) [٩٣] و (بَيْنَهُمْ سَدًّا) [٩٤](وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا)(١).
فقال أبو عمرو : السدّ فى العين ، والسّدّ : الحاجز بينك وبين الشّىء. وقال حجّاج عن هرون عن أيّوب عن عكرمة قال : كلّ ما كان من صنع الله فهو السّدّ ، وما كان من صنع بنى آدم فهو سدّ. وكان ذو القرنين عمد إلى الحديد فجعله أطباقا وجعل بينهما الفحم والحطب ووضع عليه المحلاج ، يعنى : المفتاح (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي) أى : أعطونى (أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) [٩٦] ، والقطر : النّحاس فصار جبل حديد مرتفعا فما استطاعوا / أن يظهروه أى : يعلوه ، (وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) [٩٧].
وروى حفص عن عاصم بفتح ذلك كلّه.
وقرأ حمزة والكسائىّ بين السُّدَّين وفتحا الباقى.
وقرأ الباقون برفع ذلك كلّه.
٣٥ ـ وقوله تعالى : (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) [٩٣].
قرأ حمزة والكسائىّ يُفقهون بضمّ الياء من أفقه يفقه.
وقرأ الباقون : (يَفْقَهُونَ) ومعناه : لا يفهمون ، ومن ضمّ فمعناه : لا يبيّنون لغيرهم يقال : فقه يفقه وفقه يفقه وفقه يفقه مثل فهم يفهم (٢). سمعت إبراهيم الطّاهرى يقول : المنافق إن فقه لم يفقه وإن نقه لم ينقه (٣).
__________________
(١) سورة يس : آية : ٩.
(٢) مثلثة العين ، ينظر : المثلث لابن السيّد : ٢ / ٣٤٤ ، وإكمال الأعلام : ٤٨٨.
(٣) فى الصحاح : (فقه): «وفلان لا يفقه ولا ينقه» وفى الزّاهر : ١ / ٢٠٦ «ومن ذلك قولهم : «فلان لا يفقه ولا ينقه» فمعناه : ما يعلم ولا يفهم يقال : نقهت الحديث أنقهه : إذا فهمته. ونقهت من المرض أنقه». وهذا من الإتباع والمزاوجة فى الكلام كقولهم : ثقة نقة.