وقرأ الكسائى بالنّون وفتح الواو ، كما تقول : لتدعو فعلامة النّصب فتحة الواو ، وعلامة النصب فى القراءة الأولى حذف النّون.
وقرأ الباقون ليسوَءَ وجوهكم بالياء وفتح الواو على معنى : ليسوء العذاب وجوهكم. وإنما مدّ (لِيَسُوؤُا) تمكينا للهمزة ، لأنّ كلّ واو سكنت وانضمّ ما قبلها وأتت بعدها همزة فلا بدّ من مدّ فى كلمة أو كلمتين فما كان من كلمتين فنحو : (قالُوا آمَنَّا)(١) وما كان من كلمة فنحو : تبوء بإثمه ، وينوء بحمله ، ويسوء زيدا ، وكذلك الياء ، والألف كالواو. وقد بيّنت ذلك فيما مضى أيضا.
فحدّثنى ابن مجاهد رضى الله عنه عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال : فى قراءة أبىّ (٢) : ليسوءن وجوهكم بنون خفيفة ، وهى نون التّأكيد مثل : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ)(٣) و (لَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ)(٤) وليس فى القرآن نون خفيفة وهى نون التأكيد غير هذه الثّلاثة (٥). فمن بنى قراءته على قراءة أبىّ يضمر فى اللّام «كى» وليدخلوا و [تكون] اللّام فى قراءة أبىّ ليسؤن لام التّأكيد /.
٣ ـ وقوله تعالى : (كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) [١٣].
قرأ ابن عامر وحده يُلقّاه مشدّدا ، جعل الفعل لغير الإنسان ، أى :
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٤.
(٢) معانى القرآن : ٢ / ١١٧ البحر المحيط : ٦ / ١١ (لنَسُوءَنْ).
(٣) سورة العلق : آية ١٥.
(٤) سورة يوسف : آية ٣٢.
(٥) جاء فى إعراب ثلاثين سورة للمؤلف قوله : «وليس فى القرآن نون التوكيد مخففة إلا قوله : (لَنَسْفَعاً) وقوله : (وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) وقد روى حرف ثالث عن الحسن : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) ولا يقرأ به ؛ لأن فى سنده ضعفا» وبمقارنته بهذا النصّ تكون أربعة لا ثلاثة.