فإن قال قائل إنّ «رب» للتّقليل بمنزلة «كم» للتّكثير فلم أتى به فى هذا الموضع (١)؟
فقل : إنّ القرآن نزل بلسان العرب ، وهم يستعملون أحدهما فى موضع الآخر كقولك إذا أنكرت على رجل فلم يقبل : ربما نهيت فلانا فلم ينته.
فإن سأل سائل / فقال : ما موضع «ما» فى «ربما» فقل : فيه ثلاثة أجوبة :
ـ تكون «ما» نائبة عن اسم منكور فى موضع جرّ.
ـ وتكون صلة ، وذلك أن «إنّ» و «رب» لا يليهما إلا الأسماء فإذا وليتهما الأفعال وصلوها ب «ما» كقوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٢) ولا يجوز أنّ يخشى و (ربّما يود ...) ولا تقل : ربّ يود.
وفى «ربّ» ستّ لغات : «ربّ» و «ربّ» ، و «ربّما» و «ربّما» ، و «ربما» مخفّفا و «ربّتما» مشدّدا ومخفّفا (٣).
__________________
ـ متبطّنين على الكنيف كأنّهم |
|
يبكون حول جنازة لم ترفع |
ديوانه : ٥٦ ، والبيت فى معانى القرآن وإعرابه للزجاج : ٣ / ١٧١ ، والمنصف : ٣ / ١٢٩ ويروى :
* فسمىّ ما يدريك كم من فتية |
|
فسمىّ ويحك هل علمت بفتية* |
ولا شاهد فيه على هاتين الروايتين. وقوله : «أدكن مترع» زقّ مملوء.
(١) معانى القرآن وإعرابه : ٣ / ١٧٢. ولربّ وجوه من الاستعمال للتكثير والتقليل مفصلة فى مسألة من المسائل والأجوبة لأبى محمد بن السيّد نشرها الدكتور إبراهيم السامرائى (رسائل من اللغة).
(٢) سورة فاطر : آية : ٢٨.
(٣) قال ابن الجوزىّ رحمهالله فى زاد المسير : ٤ / ٣٧٨ «قال الفرّاء : أسد وتميم يقولون : «ربّما» بالتشديد. وأهل الحجاز وكثير من قيس يقولون : «ربما» بالتخفيف ، وتيم الرباب يقولون : (ربّما) بفتح الراء ...».