______________________________________________________
وعن الشافعي وباقي الفقهاء : أنه لا نقل فيه من ذمة إلى ذمة ، بل هو ضم ذمة إلى ذمة ، والمضمون له مخير في أن يطالب أيهما شاء. وهذا الاختلاف لا يجوز أن يكون في المفهوم ، ضرورة أن المفهوم المنشأ عندهم هو المفهوم المنشأ عندنا ، فلا بد أن يكون مفهومه ما به الاشتراك بيننا وبينهم ، وأما ما به الاختلاف فهو خارج عن المفهوم. وعلى. هذا فليس الضمان الا التعهد بالدين وشغل الذمة به ، من دون تعرض فيه الى نقل الدين ، بل هو من الأحكام المستفادة من الأدلة الخاصة الآتية. ولأجل ذلك يظهر أنه من المفاهيم الإيقاعية دون العقدية ، لعدم تعرض الضامن لشؤون غيره نفساً أو مالا ، ولا تصرف منه في ذلك. ولأجل ذلك يجب الأخذ بظاهر صحيح ابن سنان المتقدم ، ولا موجب للتصرف فيه بحمله على الإيجاب الناقص ، كما ذكرنا سابقاً ، بل يحمل على ما هو الظاهر من الضمان الكامل ، وأن حكمه اعتبار الرضا من المضمون له شرطاً به على نحو لا يصح بدونه. ويشهد بما ذكرنا تفسير الفقهاء للضمان : بأنه تعهد بمال ، في قبال الحوالة التي هي تعهد بنفس. فكما أن التعهد بالنفس ليس إلا محض التعهد بالنفس ، كذلك التعهد بالمال ، ليس الا التعهد به ، من دون تعرض لنقل التعهد من غيره اليه. وقد عرفت في الشراء وغيرها الضمان بالمعنى الأعم ـ حسبما ذكروه ـ بأنه تعهد بالمال أو النفس. فهما على وتيرة واحدة.
ومن ذلك كله يظهر أنه لا مقتضي لاعتبار قبول المضمون له. نعم لا بأس باعتبار رضاه ، كما تضمنه صحيح ابن سنان. ولا سيما أن من أحكامه انتقال الضمان ، وربما كان ذلك ضرراً على المضمون له مالياً أو أدبياً ، لا يجوز ارتكابه بلا رضاه. وإن كان هذا الوجه لا يقتضي اعتبار رضاه إلا مع لزوم الضرر ، بخلاف الصحيح فإنه يقتضيه مطلقاً.