الباري سبحانه لأنّه يؤدّي إلى قصوره في الصلاحية ، كذلك لا يجوز أن يضاف أعمّ الأوصاف إلى القدرة الحادثة لأنّه يؤدّي إلى كمال في الصلاحية ، فلا ذاك الكمال مسلوب عن القدرة الإلهيّة ولا هذا الكمال ثابت للقدرة الحادثة ، فينعم النظر فيه لأنّ فيه خلاص. فلا يجوز أن يضاف إلى الموجد ما يضاف إلى المكتسب حتى يقال هو الكاتب القائل القاعد القائم ، ولا يجوز أن يضاف إلى المكتسب ما يضاف إلى الموجد حتى يقال هو الموجد المبدع الخالق الرازق (ش ، ن ، ٧٦ ، ١٥)
ـ نجا أبو الحسن رحمهالله حيث لم يثبت للقدرة الحادثة أثرا أصلا غير اعتقاد العبد بتيسير الفعل عند سلامة الآلات وحدوث الاستطاعة والقدرة ، والكل من الله تعالى (ش ، ن ، ٧٨ ، ٨)
ـ غلا إمام الحرمين حيث أثبت للقدرة الحادثة أثرا هو الوجود ، غير أنّه لم يثبت للعبد استقلالا بالوجود ما لم يستند إلى سبب آخر ، ثم تتسلسل الأسباب في سلسلة الترقّي إلى الباري سبحانه وهو الخالق المبدع المستقلّ بإبداعه من غير احتياج إلى سبب (ش ، ن ، ٧٨ ، ١١)
ـ الإنسان يحسّ من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف ، فإذا أراد الحركة تحرّك ، وإذا أراد السكون سكن ، ومن أنكر ذلك جحد الضرورة ، فلو لا صلاحية القدرة الحادثة لإيجاد ما أراد لما أحسّ من نفسه ذلك (ش ، ن ، ٧٩ ، ١٢)
ـ نقل عن القاضي (الباقلاني) ـ رحمهالله ـ أنّه لم يثبت للقدرة الحادثة أثرا في الفعل ، بل أثبت لها أثرا في صفة زائدة على الفعل ، كما سنبيّنه ، ثم اختلف قوله في الأثر الزائد ، فقال تارة : إنّه لا أثر للقدرة القديمة فيه أصلا. وقال تارة : بالتأثير ، وأثبت مخلوقا بين خالقين (م ، غ ، ٢٠٧ ، ١)
ـ ذهب إمام الحرمين في بعض تصانيفه إلى تأثير القدرة الحادثة في إيجاد الفعل ، ولم يجعل للقدرة القديمة فيه تأثيرا إلّا بواسطة إيجاد القدرة الحادثة عليه (م ، غ ، ٢٠٧ ، ٧)
ـ لو جاز تأثير القدرة الحادثة في الفعل بالإيجاد والاختراع لجاز تأثيرها في إيجاد كل موجود ؛ من حيث إنّ الوجود قضية واحدة لا يختلف وإن اختلفت محاله وجهاته ، والقول بجواز تأثيرها خلف ، فإنّها لا تؤثّر في إيجاد الأجسام ولا في شيء من الأعراض ما عدا الأفعال ، كالطعوم والألوان والأراييح ونحو ذلك ، وإن كان التالي باطلا كان المقدّم باطلا (م ، غ ، ٢١٥ ، ٢٠)
ـ أمّا وقوع الأفعال على حسب الدواعي والأغراض فذلك مما لا يدلّ على صلاحية القدرة الحادثة للإيجاد ؛ إذ الخلل لائح في خلاله والزلل واقع في أرجائه ، من حيث إنّ الأشياء ، منها ما يقع على حسب الدواعي ولا يضاف إلى القدرة الحادثة ، ولا يدلّ على صلاحيتها للإيجاد ، وذلك كما في حصول الريّ عند الشرب ، والشبع عند الأكل ، وحصول الألوان في صناعة الصبغ ونحو ذلك ، ومنها ما لا يقع على حسب الداعية والغرض ، وذلك كما في أفعال النائم والغافل والساهي ونحو ذلك ، ومع ذلك هي مضافة إلى القدرة الحادثة على أصلهم. وحيث لم يصحّ ما عوّلوا عليه طردا وعكسا لم يجز الاعتماد عليه أصلا (م ، غ ، ٢٢١ ، ٣)