التكاليف الشاقّة وقد كان يمكنه أن يجعلها غير شاقّة عليهم بأن يزيد في قدرهم ، وجب أن يكون في مقابلة تلك التكاليف ثواب ، لأنّ إلزام الشاقّ كإنزال المشاقّ ، فكما يتضمّن ذلك عوضا وجب أن يتضمّن هذا ثوابا ، ولا بدّ أن يكون في مقابلة فعل القبيح عقاب ، وإلّا كان سبحانه ممكّنا الإنسان من القبيح مغريا له بفعله ، إذ الطبع البشريّ يهوى العاجل ولا يحفل بالذمّ ، ولا يكون القبيح قبيحا حينئذ في العقل ، فلا بدّ من العقاب ليقع الانزجار (أ ، ش ٤ ، ٤٠٨ ، ٢٦)
ـ القبيح على ضروب : فمنه ما يقبح من كل مكلّف وعلى كل حال كالظلم. ومنه ما يقبح من كل مكلّف على وجه دون وجه كالرمي بالسهام وتصريف الحمام والعلاج بالسلاح ، لأنّ تعاطي ذلك لمعرفة الحرب والتقوّي على العدو ولتعرف أحوال البلاد بالحمام حسن لا يجوز إنكاره ، وإن قصد بالاجتماع على ذلك الاجتماع على السخف واللهو ومعاشرة ذوي الريب والمعاصي فهو قبيح يجب إنكاره. ومنه ما يقبح من مكلّف ويحسن من آخر على بعض الوجوه كشرب النبيذ والتشاغل بالشطرنج ، فأمّا من يرى حظرهما أو يختار تقليد من يفتي بحظرهما فحرام عليه تعاطيهما على كل حال ، ومتى فعلهما حسن الإنكار عليه ، وأمّا من يرى إباحتهما أو من يختار تقليد من يفتي بإباحتهما فإنّه يجوز له تعاطيهما على وجه دون وجه ، وذلك أنّه يحسن شرب النبيذ من غير سكر ولا معاقرة ، والاشتغال بالشطرنج للفرجة وتخريج الرأي والعقل ، ويقبح ذلك إذا قصد به السخف وقصد بالشرب المعاقرة والسكر ، فالثاني يحسن إنكاره ويجب ، والأوّل لا يحسن إنكاره لأنّه حسن من فاعله. ومنها أن يعلم المنكر أنّ ما ينكره قبيح لأنّه إذا جوّز حسنه كان بإنكاره له وتحريمه إيّاه محرّما لما لا يأمن أن يكون حسنا ، فلا يأمن أن يكون ما فعله من النهي نهيا عن حسن ، وكل فعل لا يأمن من فاعله أن يكون مختصّا بوجه قبيح فهو قبيح ، ألا ترى أنّه يقبح من الإنسان أن يخبر على القطع بأنّ زيدا في الدار إذا لم يأمن أن لا يكون فيها لأنّه لا يأمن أن يكون خبره كذبا. ومنها أن يكون ما ينهي عنه واقعا ، لأنّ غير الواقع لا يحسن النهي عنه ، وإنّما يحسن الذمّ عليه والنهي عن أمثاله. ومنها أن لا يغلب على ظنّ المنكر أنّه إن أنكر المنكر فعله المنكر عليه وضمّ إليه منكرا آخر ولو لم ينكر عليه ، لم يفعل المنكر الآخر ، فمتى غلب على ظنّه ذلك قبح إنكاره لأنّه يصير مفسدة نحو أن يغلب على ظنّنا أنّا إن أنكرنا على شارب الخمر شربها وقرن إلى شربها القتل ، وإن لم ينكر عليه شربها ولم يقتل أحدا. ومنها أن لا يغلب على ظنّ الناهي عن المنكر أنّ نهيه لا يؤثّر ، فإن غلب على ظنّه ذلك قبح نهيه عند من يقول من أصحابنا إنّ تكليف من المعلوم منه أنّه يكفر لا يحسن إلّا أن يكون فيه لطف لغير ذلك المكلّف ، وأمّا من يقول من أصحابنا إن تكليف من المعلوم منه أنّه يكفر حسن وإن لم يكن فيه لطف لغير المكلّف ، فإنّه لا يصحّ منه القول بقبح هذا الإنكار (أ ، ش ٤ ، ٤١١ ، ٣٠)
ـ النظّام : فعل القبيح محال لدلالته على الجهل أو الحاجة. قلنا : بل يفعل ما شاء ؛ ولو سلّم فالامتناع من جهة الداعي فقط ، فإنّ انجزام إرادة الترك داع إلى منع الفعل. عبّاد : الأفعال إمّا واجبة ، أو ممتنعة للعلم. ـ قلنا : فلا